للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الألفاظ" (١).

٢ - أن العرب لا تطلق كلمة (الغرنوق) على الأصنام، بل هو اسم لطائر مائي أبيض أو أسود، وفي ذلك يقول الأصمعي:

يظلّ تغنّيه الغرانيق فوقه ... آباء وغيلٌ فوقه متآصر (٢)

ومثله قول ابن السكيت: الغرانيق: طير مثل الكراكي، الواحد غرنوق، وأنشد:

أو طعم غاديةٍ في جَوفِ ذِى حَدَبٍ ... من ساكن المُزْن يجري في الغَرَانيق (٣)

ومن معاني الغرنوق المذكورة في قواميس العرب: الشاب الأبيض الناعم، ومنه قول الليث:

ألا إنَّ تَطْلاَبِي لمثلك زَلةٌ ... وقد فات ريعانُ الشباب الغُرانِقِ

كما يطلق في لغة العرب أيضاً على النبات اللين (٤).

ولا تشابه بين سائر هذه المعاني العربية والأصنام، وغاية ما وجدته في هذا الصدد ما نقله الزبيدي بصيغة التمريض والتضعيف، وهو قوله: "وقيل: هو الكركي، شبهت الأصنام بالطيور التي تعلو وترتفع في السماء على حسب زعمهم" (٥).

ونقل المفسرون عن الحسن أن المقصود بالغرانيق العلى؛ الملائكة المرتفعة في السماء، وهؤلاء ترتجى شفاعتهم، إذ هم ممن أذن الله لهم في الشفاعة، كما جاء في السياق القرآني في سورة النجم في قوله تعالى: {وكم من ملكٍ في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى} (النجم: ٢٦).


(١) نكت الانتصار لنقل القرآن، الباقلاني، ص (٣٠٨).
(٢) المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده الأندلسي (٦/ ٧٢ - ٧٣).
(٣) تهذيب اللغة، أبو منصور الأزهري (٨/ ٢٢٤).
(٤) لسان العرب، ابن منظور (١٠/ ٢٨٦)، وتاج العروس، الزبيدي (٧/ ٣٥)، وانظر: السيرة النبوية، أبو شهبة (١/ ٣٦٧).
(٥) تاج العروس، الزبيدي (٧/ ٣٥).

<<  <   >  >>