للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - وفخذه على فخذي، فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي) (١).

ويقول عبد الله بن عمرو: (أنزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة المائدة وهو راكب على راحلته، فلم تستطع أن تحمله، فنزل عنها) (٢).

وتقول أم المؤمنين عائشة: (إن كان ليوحى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على راحلته فتضرب بجرانها) (٣).

وأما أسماء بنت يزيد فتقول: (إني لآخذة بزمام العضباء ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أنزلت عليه المائدة كلها؛ فكادت من ثقلها تدق بعضد الناقة) (٤).

وهذه الأحوال المنقولة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هي على خلاف ما نعرفه من أحوال المصروعين، وسببها ثقل الوحي النازل عليه - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} (المزمل: ٥)، فالوحي هو حالة فريدة لا يعرفها إلا الأنبياء، والموحى به هو كلام الرب الذي ذلت لعظمته الرقاب.

وهذه الحال لم يتفرد بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل أصابت من سبقه من الأنبياء، يقول الأب متى المسكين: "الغيبوبة أو اختطاف العقل أو الجذب الروحي عند الأنبياء .. هكذا وصف آباء الكنيسة الأولون حالة الذهن عند الأنبياء .. حيث يكون الوعي بالنفس مغلقاً نوعاً ما، حيث يكون عقل النبي خارج الحدود الطبيعية، ومرتفعاً لمنطقة الإلهام والوعي الفائق للعقل .. والشخص يكون في حالة شبه غيبوبة؛ ليستطيع أن يطلع على ما هو فوق العقل" (٥).


(١) أخرجه البخاري ح (٢٨٣٢).
(٢) أخرجه أحمد ح (٦٦٠٥).
(٣) أخرجه أحمد ح (٢٤٣٤٧).
(٤) أخرجه أحمد ح (٢٧٠٢٨).
(٥) النبوة والأنبياء، الأب متى المسكين، ص (١٥ - ١٧).

<<  <   >  >>