للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما اللبس الذي ذكروه في مسألة تبديل كلام الله فقد وقع لاجتزائهم النصوص وإخراجها لها من مساقها، وتحويرها وتحريف معناها لتدل على غير ما تحدثت عنه، فالقرآن - كما أسلفت - صريح في وقوع التحريف في كتبهم، وليس هذا موضع بسطه (١).

وفي مقابله ذكر القرآن نوعين من كلمات الله لا تتبدل:

الأول: القرآن، وهو وإن كان من جنس ما نزل على أهل الكتاب؛ إلا أن الله خصه بالحفظ دون سائر كتبه {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} (الكهف: ٢٧)، فالكلام الذي لا يبدل هو {مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ}، أي القرآن الذي قال الله عنه: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت: ٤١ - ٤٢).

وأما قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (الأنعام: ١١٤ - ١١٥)، فقد اختلف العلماء في المراد بـ {لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ} فقال بعضهم: هو القرآن، وقال بعضهم: المقصود نواميسه الكونية، والسياق محتمل للمعنيين، وكلا الأمرين لا يبدله أحد، ولا يقدر على تبديله.


(١) انظر "هل العهد القديم كلمة الله؟ " و"هل العهد الجديد كلمة الله؟ "، وكلاهما للمؤلف، ففيهما -بفضل الله- ما يبين هذه المسألة لكل باحث عن الحق مذعنٍ له.

<<  <   >  >>