للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال عَبِيدة السلماني ـ وهو (٢٨) من كبار التابعين ـ: القراءة التي عُرِضَت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العام الذي قبض فيه؛ هي القراءة التي يقرؤها الناس اليوم (١).

وقال ابن تيمية: "العرضة الأخيرة هي قراءة زيد بن ثابت وغيره، وهي التي أمر الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي بكتابتها في المصاحف، ثم أمر عثمان في خلافته بكتابتها في المصاحف وإرسالها إلى الأمصار، وجمع الناس عليها باتفاق من الصحابة" (٢).

وقال البغوي: "المصحف الذي استقر عليه الأمر هو آخر العرضات على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فأمر عثمان بنسخه في المصاحف، وجمع الناس عليه , وأذهب ما سوى ذلك؛ قطعاً لمادة الخلاف , فصار ما يخالف خط المصحف في حكم المنسوخ والمرفوع كسائر ما نسخ ورفع، فليس لأحد أن يعدو في اللفظ إلى ما هو خارج عن الرسم" (٣).

وهكذا، فالآيات المنسوخ تلاوتها لم تسقط من المصحف نسياناً أو جهلاً؛ إنما نسخها الله، فلم يقرأها جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في العرضة الأخيرة، التي أقرأها النبي - صلى الله عليه وسلم - زيد بن ثابت وغيره من الصحابة، وبها قرأ المسلمون في كل العصور.

ومن هذا المنسوخ تلاوة؛ آية الرجم، وهي آية حفظها الصحابة ووعوها، ومع ذلك لم تكتب في القرآن الكريم لنسخها في العرضة الأخيرة، وقد خطب عمر الصحابة زمن خلافته، وقبل جمع عثمان للمصاحف، فقال: (إن الله بعث محمداً - صلى الله عليه وسلم - بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرجم، فقرأناها وعقلناها، ووعيناها، رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس


(١) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٧/ ١٥٥)، وابن أبي شيبة في المصنف (٧/ ٢٠٤).
(٢) مجموع الفتاوى، ابن تيمية (١٣/ ٣٩٥).
(٣) شرح السنّة، البغوي (٤/ ٥٢٥ - ٥٢٦).

<<  <   >  >>