للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتلاوتها منسوخة، وهذا مما لا أعلم فيه خلافاً" (١).

ومن أمثلة المنسوخ تلاوة آية الرضاع، ففي صحيح مسلم، من حديث أم المؤمنين عائشة أنها قالت: (كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهن فيما يقرأ من القرآن) (٢).

وقولها: (وهن فيما يقرأ من القرآن)، ليس يساوي القول: (وهن من القرآن)، بل معناه أن النسخ كان في أواخر حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمات وبعض الصحابة لم يبلغهم النسخ، فما زالوا يقرؤونه على أنه من القرآن، وقد قال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: (نزلت ثم رفعت) (٣).

قال النووي: "معناه أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جداً؛ حتى أنه - صلى الله عليه وسلم - توفي وبعض الناس يقرأ خمس رضعات، ويجعلها قرآناً متلواً؛ لكونه لم يبلغه النسخ؛ لقرب عهده، فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك، وأجمعوا على أن هذا لا يتلى" (٤).

وقد يشكل - هنا - ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها) (٥)، فهذا الخبر يفيد أن آية الرجم وآية الرضاع عشراً قد ضاعتا بسبب أكل الداجن للصحيفة التي كتبتا فيها.


(١) أخرجه البيهقي في السنن (٨/ ٢١١)، والنسائي في السنن الكبرى ح (٧١٤٨).
(٢) أخرجه مسلم ح (١٤٥٢).
(٣) البرهان في علوم القرآن، الزركشي (٢/ ٣٩).
(٤) شرح النووي على صحيح مسلم (١٠/ ٢٩).
(٥) أخرجه ابن ماجه ح (١٩٤٤).

<<  <   >  >>