للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن هذا القول يندفع إذا علمنا أن الأثر ضعيف السند، منكر المتن، رده العلماء وضعفوه لأن في إسناده محمد بن إسحاق، وهو مدلس، ويرويه بالعنعنة [أي بقوله: عن فلان]، وعنعنة المدلس لا تقبل، وترد حديثه كما هو معلوم في قواعد المحدثين، قال الألباني: "ابن إسحاق مدلس، وإنه إذا قال: (عن)؛ فليس بحجة، وإذا قال: (حدثني) فهو حجة" (١).

وسئل أحمد بن حنبل عنه: ابن إسحاق إذا تفرد بحديث تقبله؟ قال: "لا، والله إني رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد، ولا يفصل كلام ذا من ذا" (٢).

وكان يقول: "ابن إسحاق ليس بحجة" (٣).

قال الذهبي: "وابن إسحاق حجة في المغازي إذا أسند، وله مناكير وعجائب" (٤)، وهذا الحديث من عجائبه ومناكيره، ويعله أمران: أولهما: أنه ليس في المغازي، والآخر: أنه معنعن غير مسند.

وقال أيضاً في ترجمته: "الذي يظهر لي أن ابن إسحاق حسن الحديث، صالح الحال، صدوق، وما انفرد به ففيه نكارة، فإن في حفظه شيئاً" (٥).

قال ابن قتيبة: "فأما رضاع الكبير عشراً فنراه غلطاً من محمد بن إسحاق" (٦)، هذا من جهة إسناده.

وأما السرخسي فأعلَّ الأثر بنكارة متنه الذي يوحي أن مصدر هذه الآية كان هذه الصحيفة فقط، وأنها لم تكن محفوظة عند جماهير الصحابة: "حديث


(١) دفاع عن الحديث النبوي، ناصر الدين الألباني، ص (٨٢).
(٢) تهذيب الكمال، المزي (٢٤/ ٤٢٢)، وتاريخ بغداد، الخطيب البغدادي (١/ ٣٢٠).
(٣) تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي (١/ ٢٣٠).
(٤) العلو، الذهبي، ص (٣٩).
(٥) ميزان الاعتدال، الذهبي (٣/ ٤٧٥).
(٦) تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة، ص (٣١٤).

<<  <   >  >>