فضلاً عن أنها لم تترتب من جراء رواية بعض الأحاديث بمعناها، لما عرفنا ما في الأمر أن بعض الأحاديث رويت بمعناها، ولم ينتج عن ذلك خطر على الدين ولا غاب ذلك عن المسلمين.
ونحن لا نشك أن الرواية بالمعنى قد تُوقِعُ فِي الخَطَأِ، ولكن هذا الخطأ - إذا وقع - لَمْ يَخْفَ عَلَى عُلَمَاءِ الأُمَّةِ، فلا وجه لذلك التهويل والإيهام، لأن النُقَّادَ والعلماء اعتنوا عناية عظيمة بحفظ الحديث وروايته، وأشاروا إلى كل كبيرة وصغيرة وَرَوَوْا أكثر الأحاديث من طرق عدة تنفي الشك وتطرح الخبث، فما الداعي - بعد هذا - لأن يثير (أَبُو رَيَّةَ) شبهة حول الحديث وروايته؟
على أنه لم يكتف بذكر اختلاف السابقين في الرواية وذكر أقوالهم، بل حاول أن يثبت أن جميع ما رُوِيَ مُخْتَلِفًا لَفْظُهُ إنما كان نتيجة لرواية الحديث بالمعنى، وساق شواهد على هذا، فذكر اختلاف صيغ التشهد، واستطرد وخرج عن الموضوع، ثم ذكر «حَدِيثَ الإِسْلاَمِ وَالإِيمَانِ» وحديث «زَوَّجْتُكهَا بِمَا مَعَك [مِنْ الْقُرْآن]» وغير ذلك، وما من شيء استشهد به إلا وللعلماء قول فيه.
وقد رَدَّ على (أَبُو رَيَّةَ) العَلاَّمَة المعاصر (عبد الرحمن بن يحيى المُعَلَّمِي اليَمَانِي) رَدًّا مُفَصَّلاً (١) يكفي أن استشهد بفقرة واحدة منه.
(١) في كتابه " الأنوار الكاشفة " الذي وضعه رَدًّا على كتاب أبي رية " أضواء على السنة ". انظر ص ٨٢ - ٨٨ وانظر " ظلمات أبي رية " لمحمد عبد الرزاق حمزة: ص ٦٨ - ٩٩.