ثم الفتح الأعظم، فأصبحت مركز الحجاز السياسي، وعاصمة الدولة الإسلامية إلى أوائل خلافة عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
وقد يخطر ببالنا أن المهاجرين عادوا إلى مكة بعد وفاته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولكن التاريخ يؤكد لنا أن الصحابة والخلفاء آثروا أن يجاوروا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (١)، ويقيموا حيث أقام. لذلك نرى في المدينة كبار الصحابة الذين رسخوا في العلم، وكانت لهم مكانة عظيمة في الحديث، ومن هؤلاء أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - وأبو هريرة وعائشة أم المؤمنين، وعبد الله بن عمر وأبو سعيد الخُدري، وزيد بن ثابت الذي اشتهر بفهم القرآن والحديث والفرائض خاصة، وكانت له مكانة رفيعة عند الخلفاء الراشدين حتى إنهم ما كانوا يقدمون عليه أَحَدًا في القضاء أو الفتوى والفرائض والقراءة (٢).
وقد تخرج في المدينة كبار التابعين، ومنهم سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وابن شهاب الزهري، وعبيد الله بن عتبة بن مسعود، وسالم بن عبد الله بن عمر، ومحمد بن المنكدر وغير هؤلاء ممن كانوا مرجع الأمة في السُنَّةِ والقضاء والفتوى.
٢ - مَكَّةُ المُكَرَّمَةُ:
لما فتح رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكة، خلف فيها مُعَاذًا يعلم