للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهلها الحلال والحرام، ويفقههم في الدين، ويقرئهم القرآن الكريم، وكان معاذ من أفضل شباب الأنصار عِلْمًا وَحِلْمًا وَسَخَاءً، شهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المشاهد كلها، وكان يُعَدُّ من أعلم الصحابة بالحلال والحرام. قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه: «مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَرَامِ اللهِ وَحَلاَلِهِ» (١) وقال - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -: «خُذُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، مِنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأُبَيِّ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ» (٢). وقد روى عنه عدد كبير من الصحابة، منهم عبد الله بن عباس، الذي كانت له الصدارة بعد أن عاد من البصرة إلى مكة المكرمة، كما كان في مكة عتاب بن أسيد الذي أَمَّرَهُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للصلاة في أهلها (٣)، وأخوه خالد بن أسيد، والحكم بن أبي العاص، وعثمان بن أبي طلحة وغيرهم (٤).

وقد تخرج في مكة على أيدي الصحابة مجاهد بن جبر، وعطاء بن أبي رباح، وطاوس بن كيسان، وعكرمة مولى ابن عباس، وغيرهم (٥).

ولا بد أن نذكر هنا علو منزلة مكة المكرمة، وأثرها في تبادل الثقافة ونشر الحديث النبوي في مواسم الحج، حيث يلتقي فيها المسلمون ويجتمع أكثرهم بصحابة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبالتابعين، يحملون معهم الكثير الطيب من حديثه - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - إلى بلادهم، ولا تزال لمكة والمدينة هذه المكانة إلى يومنا هذا، وستبقى ما بقي الإسلام إلى يوم الدين.


(١) " سير أعلام النبلاء ": ص ٣٢٠ جـ ١.
(٢) " سير أعلام النبلاء ": ص ٣١٩ جـ ١.
(٣) المرجع السابق: ص ٣٢١ جـ ١.
(٤) انظر " معرفة علوم الحديث ": ص ١٩٢.
(٥) انظر " فجر الإسلام ": ص ١٧٤.