للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن مهدي: «سَأَلْتُ شُعْبَةَ وَابْنَ المُبَارَكِ وَالثَّوْرِيَّ وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنِ الرَّجُلِ يُتَّهَمُ بِالكَذِبِ، فَقَالُوا: انْشُرْهُ فَإِنَّهُ دِينٌ» (١). وعن يحيى بن سعيد قَالَ: «سَأَلْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، وَشُعْبَةَ، وَمَالِكًا، وَابْنَ عُيَيْنَةَ، عَنِ الرَّجُلِ لاَ يَكُونُ ثَبْتًا فِي الحَدِيثِ، فَيَأْتِينِي الرَّجُلُ، فَيَسْأَلُنِي عَنْهُ، قَالُوا: " أَخْبِرْ عَنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِثَبْتٍ "» (٢).

وكان طلاب العلم يسألون الأئمة ويكتبون إليهم ليخبروهم عن الرواة، من ذلك ما رواه الإمام مسلم بإسناده عن عبيد الله بن معاذ العنبري عن أبيه قال: «كَتَبْتُ إِلَى شُعْبَةَ أَسْأَلُهُ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ قَاضِي وَاسِطَ فَكَتَبَ إِلَيَّ: " لاَ تَكْتُبْ عَنْهُ [شَيْئًا] وَمَزِّقْ كِتَابِي» (٣).

وكان النقاد يدققون في حكمهم على الرجال، يعرفون لكل محدث ما له وما عليه، قال الشعبي: «وَاللهِ لَوْ أَصَبْتُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ مَرََّةٍ، وَأَخْطَأْتُ مَرََّةً لَعَدُّوا عَلَيَّ تِلْكَ الوَاحِدَةَ» (٤). وكانت المظاهر لا تغريهم، وكل ما يهمهم أن يخلصوا العمل لله، ويصلوا إلى ما ترتاح إليه ضمائرهم، لخدمة الشريعة ودفع ما يشوبها، وبيان الحق من الباطل، قَالَ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ: «إِنَّا لَنَطْعُنُ عَلَى أَقْوَامٍ لَعَلَّهُمْ قَدْ حَطُّوا رِحَالَهُمْ فِي الجَنَّةِ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْ سَنَةٍ» (٥). قال السخاوي: «أَيْ أَنَاسٌ صَالِحُونَ، وَلَكِنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الحَدِيثِ» (٦).

وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ خَلاَّدٍ , قَالَ: قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ: أَمَا تَخْشَى


(١) مقدمة " التمهيد ": ص ١٢: ب.
(٢) " صحيح مسلم بشرح النووي": ص ٩٢ جـ ١.
(٣) المرجع السابق: ص ١١٠ جـ ١.
(٤) " تذكرة الحفاظ ": ص ٧٧ جـ ١.
(٥) " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ": ص ١٦٠: آ.
(٦) " الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ ": ص ٥٢.