للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْ يَكُونَ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ تَرَكْتَ حَدِيثَهُمْ خُصَمَاءَكَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ: لأَنْ يَكُونَ هَؤُلاَءِ خُصَمَائِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ خَصْمِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ , يَقُولُ: «لِمَ حَدَّثْتَ عَنِّي حَدِيثًا تَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ؟» (١).

وهكذا تَكَوَّنَ علم الجرح والتعديل الذي وضع أسسه كبار الصحابة والتابعين وأتباعهم على ضوء الشريعة الحنيفية متأسين برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (٢). وقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الجرح: «بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ»، وفي التعديل: «إِنَّ عَبْدَ اللهِ رَجُلٌ صَالِحٌ» (٣)، وقال السخاوي: «وأما المتكلمون في الرجال فخلق من نجوم الهدى ومصابيح الظلام المستضاء بهم في دفع الردى، لا يتهيأ حصرهم في زمن الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ -، سرد ابن عدي في مقدمة " كامله " منهم خَلَْقًًَا إلى زمنه (٢٧٧ - ٣٦٥ هـ) فالصحابة الذين أوردهم: عمر، وعلي، وابن عباس، وعبد الله بن سلام، وعبادة بن الصامت، وأنس، وعائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ -، و " أَوْرَدَ " (٤) تصريح كل منهم بتكذيب من لم يصدقه فيما قاله، وسرد من التابعين عَدَدًا كالشعبي، وابن سيرين، وسعيد بن المسيب، وابن جبير، ولكنهم فيهم قليل بالنسبة لمن بعدهم من المتبوعين أكثرهم ثقات، ولا يكاد يوجد في القرن الأول الذي انقرض فيه الصحابة وكبار التابعين ضعيف إلا الواحد


(١) " الكفاية ": ص ٤٤.
(٢) [سورة الحجرات، الآية: ٦].
(٣) " الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ ": ص ٥٢. وانظر " الكفاية ": ص ٣٨، ٣٩.
(٤) ليست في النص زدناها لتستقيم العبارة.