للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسَلَّمَ - (١) بأن هذا كان قبل نسخ المصاحف، لأننا لم نجعل الخشية من التباس الكتاب بِالسُنَّةِ السبب الوحيد لمنع الكتابة، بل هناك أسباب أخرى قد ذكرتها فيما سبق، ثم إن أنسًا - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ممن لا يلتبس عليه ذلك، لأنه خدم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعرفه وتلقى عنه عشر سنوات، وعلى هذا نقول: إنه ثبت عن أبي بكر كتابة شيء من السُنَّةِ وكذلك ثبت عن الفاروق مثل ذلك (٢).

وهذا عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يقول: «مَا كُنَّا نَكْتُبُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [مِنَ الأَحَادِيثِ] (*) إِلاَّ الاسْتِخَارَةَ وَالتَّشَهُّدَ» (٣) فهذا دليل على كتابة الصحابة غير القرآن الكريم في عهده - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعلى عدم كراهة ابن مسعود للكتابة، وقد روينا خبر الكتاب الذي كان عند ابنه بخط يده (٤).

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أنه كان يحض على طلب العلم وكتابته، فقد قال: «مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي عِلْمًا بِدِرْهَمٍ؟» , قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ: يَقُولُ: «يَشْتَرِي صَحِيفَةً بِدِرْهَمٍ يَكْتُبُ فِيهَا العِلْمَ» (٥)، وخبر صحيفة عَلِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - مشهور، وقد كانت معلقة في سيفه، فيها أسنان الإبل وشيء من الجراحات (٦) ...

وَهَذَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - يَقُولُ لِبَنِيهِ وَبَنِي أَخِيهِ «تَعَلَّمُوا تَعَلَّمُوا، فَإِنَّكُمْ صِغَارُ قَوْمٍ اليَوْمَ، وَتَكُونُونَ كِبَارَهُمْ غَدًا، فَمَنْ لَمْ يَحْفَظْ مِنْكُمْ


(١) انظر " تقييد العلم ": ص ٨٧، وفي " مسند الإمام أحمد " أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، كَتَبَ لَهُمْ: «إِنَّ هَذِهِ فَرَائِضُ الصَّدَقَةِ التِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّه» انظر: ص ١٨٣ جـ ١.
(٢) انظر " مسند الإمام أحمد ": ص ٢٦١ جـ ١، و" الكفاية ": ص ٣٣٦.
(٣) " مصنف ابن أبي شيبة ": ص ١١٥: ب، جـ ١.
(٤) انظر " جامع بيان العلم ": ص ٧٢ جـ ١.
(٥) " العلم " لزهير بن حرب: ص ١٩٣: ب، و" تقييد العلم ": ص ٩٠.
(٦) انظر " مسند الإمام أحمد ": ص ٤٥ و١٢٢ جـ ٢ وغيرها، و" تقييد العلم ": ص ٨٨ - ٩٩، و" جامع بيان العلم ": ص ٧١ جـ ١، و " فتح الباري ": ص ٨٣ جـ ٧.