للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلْيَكْتُبْ» (١)، وفي رواية: «فَلْيَكْتُبْهُ وَلْيَضَعْهُ فِي بَيْتِهِ» (٢).

وهذه أم المؤمنين عائشة - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - تقول لابن أختها عروة بن الزبير: «يَا بُنَيَّ [إِنَّهُ] يَبْلُغُنِي أَنَّكَ تَكْتُبُ عَنِّي الحَدِيثَ ثُمَّ تَعُودُ فَتَكْتُبُهُ»، [فَقُلْتُ] لَهَا: «أَسْمَعُهُ مِنْكِ عَلَى شَيْءٍ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَسْمَعُهُ عَلَى غَيْرِهِ». فَقَالَتْ: «هَلْ تَسْمَعُ فِي المَعْنَى خِلاَفًا؟»، قُلْتُ: «لاَ»، قَالَتْ: «لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ» (٣)، فلو كرهت عائشة - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهَا - الكتابة لمنعته ونهته، ولكنه لم يحدث شيء من هذا، بل لم تر بأسًا بعمله.

وهذا أبو هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يسمح لبَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ أن يكتب عنه، ويجيزه بالرواية عنه (٤)، وفي رواية يقول بشير: أَتَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ بِكِتَابِي الذِي كَتَبْتُهُ عَنْهُ فَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: «هَذَا سَمِعْتُهُ مِنْكَ؟» قَالَ: «نَعَمْ» (٥)، وَرُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ أَنَّهُ رَأَى كُتُبًا كَثِيرَةً عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَة (٦).

وَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: «اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَكَتَبَ إِلَيْهِ: «أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ، وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ المَالِ» (٧).


(١) " الكفاية ": ص ٢٢٩.
(٢) " تقييد العلم ": ص ٩١.
(٣) " الكفاية ": ص ٢٠٥.
(٤) انظر " العلم " لزهير بن حرب: ص ١٩٣: ب و" المحدث الفاصل ": ص ١٢٨.
(٥) " طبقات ابن سعد ": ص ١٦٢ جـ ٧ و" جامع بيان العلم ": ص ٧٢ جـ ١، و" العلم " لزهير بن حرب: ص ١٩٣ و" الكفاية ": ص ٢٥٥ و ٢٨٣.
(٦) انظر " جامع بيان العلم ": ص ٧٤ جـ ١، و" فتح الباري ": ص ٢١٧ جـ ١ كما أنه أملى بعض أحاديثه على همام بن منبه وسنتعرض لذلك.
(٧) " معرفة علوم الحديث ": ص ١٠٠ واختصر الحاكم الخبر وتجد تفصيل ما كتبه المغيرة إلى معاوية في حديث شامل للبخاري في " صحيحه ". انظر " فتح الباري ": ص ٩٥ جـ ٩ طبعة مصر، بولاق سَنَةَ ١٣١٢ هـ.