للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثال ذلك قول أَبِي رَيَّةَ: «وإليك مثلاً من ذلك نختم به ما ننقله من الأحاديث التي رواها أبو هريرة عن النبي وهي في الحقيقة من الإسرائيليات حتى لا يطول بنا القول: روى الإمام أحمد عن أبي هريرة أنَّ رسول الله قال: " إِنَّ فِي الجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ، اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: ٣٠] ". ولم يكد أبو هريرة يروي هذا الحديث حتى أسرع كعب فقال: " صدق والذي أنزل التوراة على موسى، والفرقان على محمد " ... » (١).

ما وجه الإنكار لهذا الحديث. وقد رواه غير أبي هريرة من الصحابة؟ رواه سهل بن سعد وأبو سعيد الخدري (٢)، فهل خدع كعب هذين الصحابيين أَيْضًا؟ وما هي غاية كعب في قوله هذا؟ إني أتعجب من إنكار الكاتب عليه هذا الحديث، فهل أنكر على أبي هريرة هذا الحديث لضخامة الشجرة؟ وهل يُسْتَغْرَبُ وجود مثل هذه الشجرة في جنة قال فيها الله - عَزَّ وَجَلَّ - { ... وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (٣)؟ أم أنكر عليه أن يسير الراكب مائة عام في ظلها؟ أم أنكر عليه كل هذا لأنه لم يعهد في حياته مثلها؟

هل يريد هؤلاء أن ينفوا كل ما لم تتصوره عقولهم وتفكيرهم؟ فإن أرادوا هذا وجب عليهم أن ينفوا كثيرًا من المخترعات التي نسمع بها ولا نراها، أو ينفوا كثيرًا مِمَّا جاء في القرآن الكريم. بل على مثل هذا الكاتب أنْ


(١) " أضواء على السُنَّة المحمدية ": ص ١٧٧، وانظر مما استشهد به ص ١٩٨ وما بعدها.
(٢) انظر " صحيح مسلم ": ص ٢١٧٥ و ٢١٧٦ جـ ٤.
(٣) [سورة الحديد، الآية: ٢١]. وأول الآية: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ... }.