للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[هنرى سيروى]

«ومحمد- صلّى الله عليه وسلم- لم يغرس فى نفوس الأعراب مبدأ التوحيد فقط، بل غرس فيها أيضا المدنية والأدب» «١» .

«محمد- صلّى الله عليه وسلم- شخصية تاريخية حقة، فلولاه ما استطاع الإسلام أن يمتد ويزداد، ولم يتوان فى ترديد أنه بشر مثل الآخرين ماله الموت، وبأنه يطلب العفو والمغفرة من الله عز وجل. وقبل مماته أراد أن يطهر ضميره من كل هفوة أتاها فوقف على المنبر مخاطبا: أيها المسلمون، إذا كنت قد ضربت أحدا فهاكم ظهرى ليأخذ ثأره، أو سلبته مالا فمالى ملكه. فوقف رجل معلنا أنه يدينه بثلاثة دراهم، فردّ الرسول- صلّى الله عليه وسلم- قائلا: أن يشعر الإنسان بالخجل فى دنياه خير من آخرته. ودفع للرجل دينه فى التو. وهذا التذوق والإحساس البالغ لفهم محمد- صلّى الله عليه وسلم- لدوره كنبى يرينا بأن (رينان) كان على غير حق فى نعته العرب قبل الإسلام بأنها أمة كانت تحيا بين براثين الجهل والخرفات» «٢» .

«إن المحاولة الإسلامية فى التاريخ ذات أثر كبير، والعبقرية العربية تجد فى محمد- صلّى الله عليه وسلم- منشئا لحضارة التوحيد التى تعتبر ذات أهمية كبيرة، إذا فكرنا فى القيامة الفلسفية للتوحيد، وفى تفوقها الكبير الذى جعل كل الشعوب الآرية تمارس أفكار تلكم الفلسفة. وهذه الثروة الروحية الغزيرة فى الأمة العربية، راجعة إلى الغريزة النبوية والتى تعد واضحة لدى الشعوب السامية، فاليهود الذين يستطيعون الفخر بأنبيائهم الكبار، يقرون بأن روح النبوة قد اختفت لديهم بعد هدم معبدهم الثانى، وهذا ما يفسر بمعنى أكيد العداوة العنيفة والكثيرة التكرار فى القرآن بالنسبة إليهم» «٣» .

«.. إن الحضارة الفكرية الذهنية الحقيقية لم تظهر وتوجد- لدى العرب- إلا لدى وصول محمد- صلّى الله عليه وسلم-» «٤» .


(١) فلسفة الفكر الإسلامى، ص ٨.
(٢) نفسه، ص ١٧.
(٣) نفسه، ص ٣١.
(٤) دفاع عن الإسلام، ص ٢٤.

<<  <   >  >>