الموقف الفكرى الغربى من النبى صلوات ربى وسلامه عليه كان دائما موقفا عدائيا، وإن اختلفت صور التعبير عن هذا العداء.
[قصور فى الفهم]
يلقى البعض اللوم على الأمة الإسلامية لتخاذلها وضعفها من ناحية، أو لتكرار العنف الذى يتبناه بعض فصائل الأمة تجاه الغرب من جهة أخرى ويرى البعض أن ما يسمى بالإرهاب الإسلامى هو سبب هجوم الغرب على الإسلام وعلى نبى الإسلام. ونسأل هؤلاء ... وهل كان الغرب يمدح النبى- صلّى الله عليه وسلم-، أو حتى يسكت عن إيذاء شخصه الكريم وإهانته عندما كانت الأمة الإسلامية فى حالة وفاق وسلام تام مع دول الغرب؟ إن الغرب لم يتوقف عن الهجوم على رسول الإسلام طوال القرون الماضية، وهو موقف عام لم يشذ عنه إلا القليل من المفكرين والمتدينين.
يرى البعض الآخر أن الهجوم على الإسلام أو على نبيه الكريم ليس إلا حالات فردية لمن يبتغون الشهرة، أو من يحملون أحقادا على الإسلام. ويقوم هؤلاء بسرد بعض النقولات التاريخية أو المعاصرة لمفكرين غربيين يمدحون شخص النبى، ويعتبرون أن وجود هؤلاء يقدح فى فكرة وجود عداء فكرى عام فى الغرب تجاه الإسلام أو شخص الرسول الكريم، والحقيقة أن الاستشهاد ببعض الأقوال- مع حذف السياق التاريخى لها- يمكن أن يكون مقنعا بوجود إعجاب من بعض المفكرين الغربيين بشخصية النبى صلّى الله عليه وسلم.
لكن ما يغيب عن هذه الرؤية، ويعيبها أيضا ... أن الفكر الغربى يتحرك وفق مجموعة من المسلمات الأساسية التى تخالف بقوة الدعوة المحمدية فى المبادئ والمسلمات، وبالتالى فإن الأصل فى العلاقة الفكرية بين الغرب وبين الإسلام لم تكن يوما ما التوافق وإنما كانت العلاقة دائما من النواحى الفكرية تميل إلى المواجهة وعدم الاتفاق. ويجب هنا أن نفصل بين أمرين: الأول هو العلاقات بين الشعوب، والتى كانت فى كثير من الأحيان تميل إلى السلام