إن إحدى مشكلات عداء الغرب التاريخى للنبى صلّى الله عليه وسلم، هو أنه جاء بنظام سياسى وفكرى متكامل ينازع الغرب فى المسلمات الأساسية، وكذلك فى طرق التنظيم والإدارة وسياسة المجتمعات، وأخيرا فى نمط العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع، وبين المجتمعات المختلفة. إنه ببساطة نظام متكامل مواز للنظام الغربى، ولا يلتقى معه، وإنما يقدم بديلا قويا وخطيرا له.
وكما يذكر أحد المفكرين العرب فإن «الخوف من قوة الإسلام المحركة يأخذ فى اللحظات التراجيدية شكل الدفاع والصراع والمشاجرة، أحد أكثر الأشكال الانفعالية فى التاريخ. لقد أبرز مفهوم الإسلام السياسى كتهديد متواتر، ومفهوم الدين السياسى كبنية تاريخية فى أصول الإسلام. يقول غولديسهر: إن الإسلام قد جعل الدين دنيويا لقد أراد أن يا بنى حكما لهذا العالم بوسائل هذا العالم.
لذلك هاجم المفكرون الغربيون بشدة المشروع الحضارى الإسلامى، واعتبروه خطيرا كبيرا يهدد سيادة الفكر الغربى وانتصار الحضارة الغربية، ونهاية التاريخ. ولم يبدأ هذا الأمر مع أحداث سبتمبر، أو مع نشوء فكرة صدام الحضارات أو نظرية نهاية التاريخ، وإنما سبق ذلك بقرون عديدة، واستمر يغذى الشخصية الغربية بمبررات العداء للعالم الإسلامى ولشخصية النبى محمد صلّى الله عليه وسلم. وانظر إلى أحدهم عندما يقول منذ أكثر من قرنين من الزمان: «يجب القول إن من بين كل الذين تجرؤا على سن القوانين للشعوب، لم يكن واحد منهم أجهل من محمد. وبين كل الإبداعات الخرقاء للفكر الإنسانى، لم يكن هناك أتعس من كتابه. وما يحدث فى آسيا منذ ألف ومائتى سنة يمكن أن يكون البرهان، لأننا لو أردنا الانتقال من موضوع خاص إلى ملاحظات عامة، لكان من السهل البرهان أن الاضطرابات فى الدول، وجهل الشعوب فى هذه المنطقة من العالم إنما هو تأثير مباشر، إلى حد ما، للقرآن ولأخلاقه.