والسلام بتلك الصفات الواردة فى المقالة الأسبانية، فقبضوا عليه وأخذوه إلى القاضى فأصر على موقفه فصدر الحكم بقتله. وقد سار على منواله عدد من الرهبان، منهم بول الفارو، وأولوخيو أسقف طليطلة الأسمى. وأولوخيو كتب رواية عن هذه الحركة وسبّ النبى عليه الصلاة والسلام فحكم عليه بالإعدام سنة ٢٤٥ هـ/ ٨٥٩ م. وبول الفارو هو الذى كتب سيرة أولوخيو بعد مقتله.
والاثنان اعتقدا بأن ظهور الإسلام وانتشاره إنما هو الإعداد النهائى لظهور المسيح الدجال، أو هو الدجال نفسه. ومما أورده أولوخيو فى روايته لتلك الحركة أن ثلاثة من الرهبان الأسبان هم جورجيوس، وأورليوس، وناثاليا كتبوا نصا عن آلام المسيح. وقد احتوى النص على هجوم متعصب حاقد على الإسلام ونبى الإسلام عليه الصلاة والسلام فوصف الإسلام بأنه «العقيدة الضالة، وخدعة الشيطان الماكرة وأن الإسماعيليين (أى العرب أبناء إسماعيل ابن إبراهيم عليهما السلام) يجلّون نبيّا كاذبا، صدّقوا أنه من خلاله يكون طريق الخلاص، وأن نبى المسلمين إنما هو- بزعمهم- غادر بطبعه ومؤمن بإبليس، وهو وكيل المسيح الدجال، والمستنقع لكل الرذائل، والذى سوف يلقى به فى جهنم، ومن خلال تعاليمه العقيمة كتب على أتباعه عذاب النار السرمدى، وأن الذى تراءى له فى هيئة ملاك إنما هو الشيطان» . ولا شك أن هذه الحركة الحاقدة المتعصبة فى قرطبة وما صاحبها من كتابات الرهبان المقيتة قد أسهمت بدور كبير فى صياغة العقيدة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين فى أوروبا طوال العصور الوسطى وإلى اليوم فى الولايات المتحدة الأمريكية.
[المشروع الكلوني:]
أما المشروع الكلونى: فهو الذى أعدّ كل المواد اللازمة لغرس تلك العقيدة الباطلة فى العقل الغربى وأحكم معظم جوانبها لتستمر قائمة إلى العصر الحاضر.
وهذا المشروع الذى يعتبره بعض الباحثين الغربيين بأنه: المشروع الغربى العالمى الأول لدراسة الإسلام، إنما هو فى حقيقته المشروع الغربى الأكبر لتشويه صورة الإسلام، الذى حدث سنة ٥٣٧ هـ/ ١١٤٣ م.
وينسب هذا المشروع إلى دير كلونى فى جنوب فرنسا الذى تأسس سنة