٢٩٧ هـ/ ٩١٠ م ومنه انبثقت حركة لإصلاح الحياة الرهبانية عرفت فى التاريخ الأوربى باسم حركة الإصلاح الكلونية التى لم تلبث أن أسهمت فى تقوية الجهاز الكنسى فى الغرب الأوربى ونال دير كلونى منزلة الحصانة تحت الحماية المباشرة للبابا فى روما، والحق المطلق فى أن ينشئ أديرة أخرى تابعة له، وخلال القرنين التاليين من تأسيسه نال دير كلونى تأثيرا كبيرا وثروة ضخمة، وأصبح فى الواقع عاصمة للإمبراطورية الديرية حيث يتبعه أكثر من ستمائة دير، وعشرات الآلاف من الرهبان فى كل مكان من العالم الغربى النصرانى، وأصبح رهبان دير كلونى بابوات وكرادلة وكثير من رؤسائه كانوا مستشارين للأباطرة والملوك. ومن أشهر رهبان دير كلونى الذين وصلوا إلى منصب البابوية، البابا جريجورى السابع، وتلميذه البابا أوربان الثانى الذى أطلق الحروب الصليبية ضد المسلمين.
وفى سنة ٥١٦ هـ/ ١١٢٢ م تم اختيار رئيس جديد لدير كلونى هو الراهب بيير موريس دى مونتبورسيير، الذى أطلق عليه معاصروه لقب بطرس المكرّم.
وقد أمضى سنواته الأولى فى تدعيم سلطة الدير ومكانته. وفى سنة ٥٣٦ هـ/ ١١٤٢ م قام برحلة إلى شمال الأندلس لزيارة الأديرة الكلونية فى تلك البلاد.
وهناك علم من بعض المترجمين بوجود رسالة لنصرانى شرقى تدافع عن النصرانية وتهاجم الإسلام مكتوبة باللغة العربية، وعرف منهم مضمونها، فقرر القيام بمشروع ترجمتها وترجمة القرآن الكريم وبعض المصنفات الآخرى إلى اللاتينية بهدف دحض الإسلام والرد عليه.
عاد بطرس المكرم إلى دير كلونى فى فرنسا بعد أن اتفق مع خمسة مترجمين للقيام بالعمل لديه وبيّن لهم أهدافه من المشروع وأجزل لهم العطاء لتنفيذه. ونقدم الآن لمحة مختصرة جدا عن أخطر ترجمتين فى المشروع والأثر الذى أحدثته فى صياغة تلك العقيدة الغربية عن الإسلام ونبى الإسلام عليه الصلاة والسلام.
١- ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة اللاتينية.
وهى إحدى الترجمات الخمس التى أصبحت تعرف فى أوربا باسم المجموعة الطليطلية. وقام بهذه