وسوف تتعامل هذه الدراسة مع الغرب ككيان فكرى واحد من ناحية المنطلقات الأساسية للحضارة الغربية، والمبادئ التى قامت هذه الحضارة عليها، وعلاقة ذلك بموقف الغرب من النبى- صلّى الله عليه وسلم-.
[مشكلات الفكر الغربى مع نبى الإسلام]
لكى ننجح فى فهم علاقة الغرب فكريا بنبى الإسلام- صلّى الله عليه وسلم-، فلابد أن نبتعد قليلا عن المواقف وندرس المبادئ. إن المواقف ليست إلا تعبيرات واقعة عن الأفكار الكامنة فى الشخصيات الغربية، والتى تكونت عبر قرون طويلة من التأثير الفكرى الذى كون قناعات راسخة لا تتزعزع داخل الشخصيات الغربية فيما يتعلق بعلاقتها بالخالق، وعلاقتها بالكون والطبيعة والآخرين من البشر.
وهذه القناعات تتصادم بشدة مع ما جاء به النبى- صلّى الله عليه وسلم-، ولذلك نشأ العداء وليس من المتوقع أن يقل أو ينتهى فى القريب. وهذه مجموعة من الأسباب الفكرية التى ساهمت فى تكون علاقة العداء على المستوى الفكرى.
[مركزية الله أم مركزية الإنسان]
إن المشكلة الرئيسية فى علاقة الغرب فكريا بالعالم الإسلامى، وعداء الغرب للنبى صلّى الله عليه وسلم، هو مركزية الله تعالى فى الكون لدى المسلمين، والتى تتجسد فى دعوة محمد- صلّى الله عليه وسلم-، وفى دين الإسلام وفى واقع الأمة الإسلامية بصرف النظر عن درجة تدين والتزام أفراد هذه الأمة.
إن الغرب فى المقابل ينطلق فكريا- وبكل فئات مجتمعاته وكل مفكريه- من فكرة مركزية الإنسان فى الكون، وأن الفرد هو مركز الاهتمام الرئيسى، وأن تطلعات الفرد وحقوقه وحرياته تقدم على أى أمر آخر، وحتى أمور العبادة وعلاقة الفرد بالإله.
إن الغرب يرى أن محمدا- صلّى الله عليه وسلم- قد قدم مفهوما يمكن أن يهدم الفكر الغربى من أساسه.. وهو مركزية الله تعالى فى حياة البشرية، مقابل نظريات