فى القضية (غزوة الحديبية) أبى وقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
وروى أسامة بن شريك قال:«أتيت النبى صلّى الله عليه وسلم وأصحابه حوله كأنما على رؤوسهم الطير» .
وفى رواية أخرى:«إذا تكلم أطرق جلساؤه وكأنما على رؤوسهم الطير» .
وقال عروة بن مسعود حين وجّهته قريش عام القضية إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ورأى من تعظيم أصحابه له ما رأى، وأنه لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوئه (ماء وضوئه) ، وكادوا يقتتلون عليه ولا يبصق بصاقا ولا يتنخم نخامة إلا تلقوها بأكفهم، فدلكوا بها وجوههم وأجسادهم، ولا تسقط منه شعرة إلا ابتدروها، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدّون إليه النظر تعظيما له، فلما رجع إلى قريش قال:
«يا معشر قريش، إنى جئت كسرى فى ملكه، وقيصر فى ملكه، والنجاشى فى ملكه، وإنى والله ما رأيت ملكا فى قوم قط مثل محمد فى أصحابه، وقد رأيت قوما لا يسلمونه أبدا» .
غض الصوت وقت مخاطبته صلّى الله عليه وسلم
من المعلوم أن الرسول صلّى الله عليه وسلم هو المصدر الوحيد الذى يتلقى عنه المسلمون تعاليم الله سبحانه وتعالى سواء كان قرآنا أو سنة أو حديثا قدسيّا، لذلك يجب عليهم أن يتأدبوا معه صلّى الله عليه وسلم أثناء كلامه معهم أو كلامهم معه، وذلك بخفض الصوت وترك الجهر العالى كما يكون بين الإنسان وصديقه لقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (الحجرات: ٢) .
يقول ابن كثير فى تفسير هذه الآية:«هذا أدب ثان أدّب الله تعالى به المؤمنين أن لا يرفعوا أصواتهم بين يدى النبى صلّى الله عليه وسلم فوق صوته صلّى الله عليه وسلم» .