أولهما: رفع الصوت فوق صوته صلّى الله عليه وسلم أخذا من النهى الوارد فى قوله:
لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ (الحجرات: ٢) .
ثانيهما: الجهر بالقول له صلّى الله عليه وسلم كالجهر بعضكم بعضا أخذا من النهى الوارد فى قوله تعالى: ... وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ....
وقد فرق المفسرون بين النهيين الواردين فى الآية حيث قالوا: إن الأول يتعلق برفع الصوت فوق صوته صلّى الله عليه وسلم أثناء كلامه معهم، وأما الثانى فيتعلق بالجهر له صلّى الله عليه وسلم وقت صمته.
ومنهم من يقول: إن النهى الأول يتعلق وقت خطابه معهم أو خطابهم معه أو صمته، وأنّ الثانى يتعلق بندائه صلّى الله عليه وسلم باسمه المجرد أو بكنيته، مثل يا محمد أو يا أبا القاسم.
وقد أجمل النيسابورى رحمه الله تعالى فى ما ورد فى التفريق بين هذين النهيين قائلا: والجمهور على أن بين النهيين فرقا ثم اختلفوا فقيل:
الأول: فيما إذا نطق ونطقتم أو أنصت ونطقوا فى أثناء كلامه فنهوا أن يكون جهرهم باهر الجهر.
والثانى: فيما إذا سكت ونطقوا ونهوا عن جهر مقيد بما اعتادوه بما بينهم وهو الخالى عن مراعاة أبهة النبوة. وقيل: النهى الأول أعم مما إذا نطق ونطقوا أو أنصت ونطقوا والمراد بالنهى الثانى أن لا ينادى وقت الخطاب باسمه أو كنيته كنداء بعضكم لبعض فلا يقال: يا أحمد يا محمد يا أبا القاسم، ولكن يا نبى الله يا رسول الله.
والأدب الثانى هو أدبهم مع نبيهم فى الحديث والخطاب وتوقيرهم له فى قلوبهم توقيرا ينعكس على نبراتهم وأصواتهم، ويميز شخص رسول الله صلّى الله عليه وسلم بينهم، ويميز مجلسه فيهم، والله يدعوهم إلى ذلك النداء الحبيب ويحذرهم