سعة قلبه منذ طفولته إلى لحظة وفاته صلّى الله عليه وسلم
روى ابن إسحق وابن هشام أنّ حليمة لمّا جاءت كان على صدرها ولد لا يشبع من ثديها ولا من ناقتها، فناقتها عجفاء وثديها جاف. وراحت تبحث عن طفل ترضعه وتأخذ من المال من أهله ما تأكل به طعاما فيفيض حليبا. بحثت فى الأطفال فلم تر إلا اليتيم (محمدا صلّى الله عليه وسلم) ، فأعرضت عنه وسألت عن غيره فما جاءها غيره، فعادت إليه، فأخذته ومشت. تقول حليمة فيما رواه ابن إسحق: فلمّا وضعته على ثديى ما أقبل عليه، وقد شعرت أن ثديى قد امتلأ بالحليب، أعطيه الثدى لا يقبله، انتبهت إلى أن أخاه يبكى من الجوع فوضعته فأخذت أخاه فأرضعته، فشرب، فشبع، ثم حملت ابنى محمدا فوضعته على ثديى فأخذه» .
ما أخذ ثديها وله أخ جائع وهو طفل صغير. إن الله تعالى جعله محبوبا من اللحظة الأولى، فما كان يقبل أن يأكل حتى يأكل أخاه، وما كان يقبل أن يأكل حتى يفيض الطعام.
وما ثبت أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أكل من إناء وانتهى الطعام الذى فيه أبدا.
قال عنه عمه أبو طالب: كان إذا جاء الأولاد للطعام، امتنع حتى يأكل الأولاد جميعا، ولا يقترب حتى يأكلوا لأنه لا يريد أن يقلّل على أحد غذاءه، فهو يصبر ليشبع الآخرون، فما كان يوما يجاذب الدنيا أحدا، فهو يعلم أن الحب ينبع من إعراضك عن الدنيا، فإذا أحببت الدنيا أعرض الناس عنك وإذا أحببت الله أقبل الناس إليك.
من منّا إذا دخلت عليه ابنته يقوم لها؟ كان إذا دخلت فاطمة قام لها وقال:«مرحبا بمن أشبهت خلقى وخلقى» . وتعالوا نرى كيف عبّر صلّى الله عليه وسلم عن حبه للزهراء، هل كان ذلك بمال أو بأثاث؟ أبدا ولكن بقربان إلى الله تعالى، فكانت كلما جاء جبريل عليه السّلام بكنز فيه قربة من الله، يقول صلّى الله عليه وسلم: «يا فاطمة، جاءنى