الإسلام بعمق، كجزء متمم وهام من الحياة الإنسانية، ولكنه أيضا خصم سياسى وعسكرى عنيد تمثل فى ذلك الوقت فى الإمبراطورية العثمانية.
لذلك استمر العداء رغم اختلاف القوى المحركة له، واستمر الهوس بالعالم الإسلامى. وظهرت الانتقائية الفكرية الغربية التى ترى أن الإمبريالية ليست إلا مهمة حضارية للارتقاء بشعوب الأرض، وأن مقاومتها من قبل المسلمين الذين يتمثلون نبيهم ليسوا إلا برابرة يجب القضاء عليهم من أجل استمرار المهمة الحضارية نحو هدفها فى تنقية الجنس البشرى من كل أنواع البرابرة، وعلى رأسهم أنصار محمد.
[مرآة داكنة لواقع الغرب]
يرى البعض فى الغرب فى شخصية النبى- صلّى الله عليه وسلم- نموذجا متكاملا لنوع من الكمال الإنسانى الذى لا يمكن للغرب بأفكاره ونظرياته وممارسته أن يصل لها. وعند هذا الفريق من الغربيين، يصبح القضاء على هذا النموذج هما حقيقيا بذاته. فكأن حياة النبى محمد- صلّى الله عليه وسلم- تمثل ذلك الضمير الذى يوخز الغرب فى جنباته، وكأنه مرآة داكنة توضح لهم بالدليل الواقعى مدى التردى الذى وصل إليه حال الشخصية الغربية نتيجة لابتعادها عن النموذج المحمدى.
قد يعترض بعض المفكرين العرب بل والمسلمين على تصوير واقع الشخصية الغربية بهذا الشكل المأساوى، ولكن الحقيقة أن هناك فراغا روحيا ضخما فى الغرب بالعموم، ويظهر ذلك من ارتفاع معدلات الجريمة والإدمان والانتحار وانتشار الرذائل، بل وتصديرها إلى كل أنحاء العالم. وفى المقابل تظهر الشخصية المسلمة التى يمثلها النبى- صلّى الله عليه وسلم- كمقابل حاد فى مواجهته لتلك الشخصية الغربية. ومن هنا نجد الهجوم الشديد والمتكرر على شخص النبى صلّى الله عليه وسلم.