«يعتبر الإسلام أول الأديان مناديا ومطبقا للديمقراطية، وتبدأ هذه الديمقراطية فى المسجد خمس مرات فى اليوم الواحد عندما ينادى للصلاة، ويسجد القروى والملك جنب لجنب اعترافا بأن الله أكبر.. ما أدهشنى هو هذه الوحدة غير القابلة للتقسيم والتى جعلت من كل رجل بشكل تلقائى أخا للآخر» .
٦٠- المفكر الفرنسى لامرتين
«إذا كانت الضوابط التى تقيس بها عبقرية الإنسان هى سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذى يجرؤ أن يقارن أيا من عظاماء التاريخ الحديث بالنبى محمد صلّى الله عليه وسلم فى عبقريته؟ فهؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات. فلم يجنوا إلا أمجادا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانيهم. لكن هذا الرجل محمدا صلّى الله عليه وسلم لم يقد الجيوش ويسن التشريعات ويقم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ. ليس هذا فقط، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان، والأفكار والمعتقدات الباطلة.
لقد صبر النبى وتجلد حتى نال النصر (من الله) . كان طموح النبى صلّى الله عليه وسلم موجها بالكلية إلى هدف واحد، فلم يطمح إلى تكوين إمبراطورية أو ما إلى ذلك. حتى صلاة النبى الدائمة ومناجاته لربه ووفاته- صلّى الله عليه وسلم- وانتصاره حتى بعد موته، كل ذلك لا يدل على الغش والخداع بل يدل على اليقين الصادق الذى أعطى النبوة الطاقة والقوة لإرساء عقيدة ذات شقين: الإيمان بوحدانية الله، والإيمان بمخالفته تعالى للحوادث. فالشق الأول يبين صفة الله «ألا وهى الوحدانية» ، بينما الآخر يوضح ما لا يتصف به الله تعالى «وهو المادية والمماثلة للحوادث» . لتحقيق الأول كان لابد من القضاء على الآلهة المدعاة من دون الله بالسيف، أما الثانى فقط تطلب ترسيخ العقيدة بالكلمة (بالحكمة والموعظة الحسنة) .