وقد ذكر الله تعالى فى أوصافه رأفته بهم ورحمته لهم وهدايته إياهم وشفقته عليهم واستنقاذهم من النار وأنه بالمؤمنين رؤوف رحيم ورحمة للعالمين ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه، ويتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ويهداهم إلى صراط مستقيم، فأى إحسان أجل قدرا وأعظم خطرا من إحسانه إلى جميع المؤمنين، وأى إفضال أعم منفعة وأكثر فائدة من إنعامه على كافة المسلمين، إذ كان ذريعة إلى الهداية، ومنقذهم من العماية وداعيهم إلى الفلاح والكرامة، ووسيلتهم إلى ربهم وشفيعهم والمتكلم عنهم والشاهد لهم والموجب لهم البقاء الدائم والنعيم السرمدى فقد استبان لك أنه صلّى الله عليه وسلم مستوجب للمحبة الحقيقية شرعا.. إلى أن قال: فإذا كان الإنسان يحب من منحه فى دنياه مرة أو مرتين معروفا أو استنقذه من هلكة أو مضرة مدة التأذى بها قليل منقطع فمن منحه ما لا يبيد من النعيم ووقاه ما لا يفنى من عذاب الجحيم أولى بالحب، وإذا كان يحب بالطبع ملكا لحسن سيرته أو حاكما لما يؤثر من قوام طريقته أو قاص بعيد الدار لما يشاد من علمه أو كرم شيمته فمن جمع هذه الخصال كلها على غاية مراتب الكمال أحق بالحب وأولى بالميل» .
علامة محبته صلّى الله عليه وسلم
إن من أحب شيئا آثر موافقته، وإلا لم يكن صادقا فى حبه، وكان مدعيا، فالصادق فى حب النبى صلّى الله عليه وسلم من تظهر علامة ذلك عليه، وأولها: الاقتداء به، واستعمال سنته، واتباع أقواله وأفعاله، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والتأدب بادابه فى عسره ويسره، ومنشطه ومكرهه، وشاهد هذا قوله تعالى:
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ (آل عمران: ٣١) ، وإيثار ما شرعه، والحض عليه وتقديمه على هوى نفسه وموافقة شهوته.