وثنا مصنوعا على غرار أفروديت- معبود الحب والجمال عند الأغريق- وأنه جعل الشيطان ربا للخلق، وظل يؤكد على أن دين محمد عليه الصلاة والسلام دين وثنىّ وأن أتباعه مجرد جماعة من الوثنيين. وكان فى كل سورة يتحدث عنها يوجه السب والشتم إلى النبى عليه الصلاة والسلام- زاعما- أنه هو الذى وضع القرآن وشحنه بالأساطير، وأنه أمر أتباعه بقتل من يجعل شريكا فى جانب الله، ولذلك وقع معظم ذلك القتل على النصارى الذين يعبدون المسيح ابن الله- بزعمه- وأخذ نيقتاس يحاول تفنيد بعض نصوص القرآن وقصصه عن طريق مقارنتها بنصوص العهدين القديم والجديد. ويبدو فى هذا متأثرا برأى يوحنا الدمشقى، فزعم على سبيل المثال أن إبراهيم الخليل- عليه السّلام- لم يصل إلى مكة ولم يبن الكعبة، لأن سفر التكوين لم يذكر ذلك. كما حاول نيقتاس أن يستدل على عقيدة الثالوث ببعض آيات القرآن بتأويلها حسب عقيدته. واختتم حديثه بالتأكيد على أن الذى يعبده محمد عليه الصلاة والسلام ويدعو إلى عبادته إنما هو الشيطان نفسه. والحق أن كل آراء نيقتاس لا تتعدى هذا الهذيان وقد أوردناها لنرى الأثر الذى أسهمت به فى صياغة العقيدة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين خلال العصور الوسطى وإلى الآن.
وقد كان لبعض آراء نيقتاس الزائفة أثرها فى الدولة البيزنطية حتى إن أحد رجال الدين ألف رسالة فى زمن الإمبراطور مانويل كومنين (٥٤٩- ٥٨٥ هـ/ ١١٤٣- ١١٨٠ م) يشجب فيها الدين الإسلامى وفيها يلعن مصنفها (الرب الذى يعبده محمد عليه الصلاة والسلام) - أستغفر الله تعالى- وقدّم تلك الرسالة للإمبراطور الذي أراد شطب هذه العبارة المقيتة محتجا بأن الرب الذى يعبده محمد عليه الصلاة والسلام إنما هو الأب الذى يعبده النصارى فأصر رجال الدين على أن الذى يعبده محمد عليه الصلاة والسلام إنما هو إله غير إله المسيحيين. وهذا يوضح إلى أى مدى بقيت هذه العقيدة الزائفة حية حتى اعتنقها وقال بها فرانكلين جراهام وجيرى فاينز كما ذكرنا آنفا.
ومنذ النصف من القرن الثالث الهجرى/ النصف الثانى من القرن التاسع