من رسالة الهاشمى، بحيث يترك جوابه الانطباع لدى القارئ النصرانى أنه نال الغلبة والقهر بالحجة والبرهان. ومن الواضح أن يحيى بن عدى كتب هذا الكتاب حين ازداد دخول النصارى فى الإسلام فى القرن الرابع الهجرى، وكان هدفه منه تحصين أهل الذمة من النصارى لمنعهم من اعتناق الإسلام وإقناعهم بأن دينهم هو الدين الصحيح.
ويبدأ يحيى بن عدى جوابه على لسان الكندى المزعوم بالعرفان بالجميل لصديقه الهاشمى والدعاء للخليفة المأمون. ثم يدافع عن عقيدة الثالوث، ويزعم أن عقيدة الحنيفية التى يدعو إليها الهاشمى التى كان عليها إبراهيم عليه السّلام إنما هى عبادة الأصنام، حيث يزعم أن إبراهيم ظل يعبدها لمدة سبعين سنة فى حرّان مع آبائه.
ويحاول بأسلوب فلسفى تفنيد عقيدة التوحيد، ثم يوجه هجومه إلى النبى عليه الصلاة والسلام، ويتهمه بأنه تطلع إلى الملك، ولما كان يعرف أن نفوس قريش تأبى أن يصبح ملكا عليها ادّعى النبوة للوصول إلى هدفه. ولا يتحدث جواب الكندى المزعوم عن دعوة النبى عليه الصلاة والسلام فى مكة، وإنما ينتقل فجأة إلى المدينة حيث يزعم أن النبى عليه الصلاة والسلام اغتصب مربد غلامين يتيمين وبنى عليه مسجده، وأنه اصطحب قوما فراغا لا عمل لهم وبدأ فى شن الغارات وممارسة النهب والسلب وقطع الطريق وإخافة السبيل، ويتهم النبى عليه الصلاة والسلام أنه أمر باغتيال بعض الآمنين فى بيوتهم، ثم يشير إلى جروح النبى عليه الصلاة والسلام يوم أحد، ويرى أنه لو كان رسولا لمنعه الله من الضرر، ثم يزعم أن النبى عليه الصلاة والسلام لم يكن له هم إلا امرأة جميلة يتزوجها، ويتهمه بالاستخفاف بالله فى محاباة زوجاته ويكرر حديث الإفك عن عائشة رضى الله عنها.
وبعد ذلك يثير جواب الكندى المزعوم موضوع النبوة وعلاماتها ويزعم أن شروط النبوة لا تتوافر فى محمد عليه الصلاة والسلام. ويزعم أن أهم علامات النبوة هى المعجزات، وأن النبى عليه الصلاة والسلام لم يأت بشىء منها، وأنه