العلمانية ولا تصادم من تركوا الدين، وبالتالى فلا حاجة إلى مصادمة المسيح.
أما العلاقة مع محمد فهى علاقة تصادمية مع كل من التيار الدينى والعلمانى فى الغرب على المستوى الفكرى. فمحمد- صلّى الله عليه وسلم- حرص على أن يكون فردا.. إنسانا بكل معانى الإنسانية، ورفض أن يكون إلها فى صورة إنسان، وبالتالى فهو يناقض فهم المتدينين من الغرب للإله الذى عرفوه، وبالتالى تكونت الكراهية والضيق من كل ما يمثله محمد صلّى الله عليه وسلم ... فهو ليس على شاكلة المسيح.. فى نظرهم.. وهو يناقض أيضا مشاعر ورغبات غير المتدينين، لأنه يطلب من البشر- كما أمره خالقه- بالكثير من العبادات والأعمال والالتزامات، ويقدم حرية المجتمع على حرية الفرد، ويضحى بالمساواة من أجل العدالة ومن أجل صلاح المجتمع. كل ذلك ساهم فى تكوين صورة سلبية وقاسية عن نبى الإسلام.
إن المتدينين فى الغرب- كما فى الشرق أيضا- يعشقون فكرة المعجزة لأنها خلاص من مواجهة واقع يطحن أحلامهم ... لذلك انتشر فى التدين الغربى قصص المعجزات والخوارق وكرامات القديسين، وأصبح ذلك مكونا رئيسيا من مكونات التدين المسيحى الغربى. أما محمد- صلّى الله عليه وسلم- فقد جسد إمكانية انتصار الإنسان دون حاجة إلى المعجزات.. لقد كانت حياة الرسول- فى نظرهم- خالية من المعجزات، والحياة الغربية قاسية، والتدين فيها يسمح للفرد أن يحلم بالمعجزة للفرار من الواقع، ونبى الإسلام لا يعد بالمعجزات، وإنما بحياة مليئة بالجهد والجد والمعاناة من أجل آخرة يمكن فيها الاستمتاع بالجنة.
لقد نجح من حرفوا دين المسيح أن يقنعوا أنصار المسيح فى الفكر الغربى، أن لهم أن يجمعوا بين كل متع الدنيا- فقد دفع ثمن ذلك المسيح- وأن يجمعوا معها أيضا النجاة فى الآخرة لأنهم أحبوا المسيح. وهكذا يتفرغ المتدين للحياة دون الحاجة الحقيقية للعمل فإن محبة المسيح كافية للجنة. أما محمد فإن دينه ودعوته تطلب من الإنسان الكثير، ولا تعد بالمقابل إلا بأمل فى رحمة الله.