فقال لى: إذا أنت تقلد المترجم، والمقلّد لا علم له إذا لم يطّلع على الحقيقة، لكنه أخبر بشيء فصدقه، والمترجم ليس معصوما من الخطأ والتحريف عمدا!! فعاهدنى أن تتعلم اللغة العربية، وتقرأه وأنا أرجو أن يتبدل اعتقدك هذا الخاطئ!
قال: فتعجبت من جوابه! فقلت له: سألت كثيرا من قبلك من المسلمين فلم أجد الجواب إلا عندك، ووضعت يدى فى يده، وعاهدته على أن لا أتكلم فى القرآن ولا فى محمد- صلّى الله عليه وسلم- إلا إذا تعلمت اللغة العربية وقرأت القرآن بلغته، وأمعنت النظر فيه حتى تظهر النتيجة بالتصديق أو التكذيب!!
فذهبت من يومى ذلك إلى الجامعة الكبرى بباريس (قسم اللغة العربية) واتفقت مع أستاذ بالأجرة أن يأتينى كل يوم إلى بيتى، ويعلّمنى اللغة العربية ساعة واحدة كل يوم إلا يوم الأحد الذى هو يوم راحتى، ومضيت على ذلك سنتين كاملتين لم تفتنى ساعة واحدة، فتلقيت منه سبع مائة وثلاثين درسا، وقرأت القرآن بإمعان، ووجدته هو الكتاب الوحيد الذى يضطر المثقف بالعلوم العصرية أن يؤمن بأنه من الله لا يزيد حرفا ولا ينقص، أما التوراة والأناجيل الأربعة، ففيها كذب كثير، لا يستطيع عالم عصرى أن يصدقها!
فلله درّهم من سلاطين، كانوا بحق كما قال ابن المبارك:
الله يدفع بالسلطان معضلة ... عن ديننا رحمة منه ورضوانا
لولا الأئمة لم تأمن لنا سبل ... وكان أضعفنا نهبا لأقوانا