للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدى أيام ثلاثة، والرسل تتجاوب بينهما. وكتب يوسف قبيل المعركة إلى ملك قشتالة، عملا بأحكام السنة كتاباً يعرض عليه فيه الدخول في الإسلام، أو الجزية أو الحرب (١)، ومما جاء فيه: " بلغنا يا أدفونش، أنك دعوت إلى الاجتماع بنا، وتمنيت أن تكون لك سفن تعبر فيها البحر إلينا، فقد عبرنا إليك، وقد جمع الله في هذه الساحة بيننا وبينك، وسترى عاقبة دعائك، وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ".

فاستشاط ألفونسو لذلك الخطاب غضباً، ورد على أمير المسلمين بكتاب غليظ يفيض بالوعيد، فاكتفى يوسف بأن رد إليه كتابه ممهورا بتلك العبارة، " الذي يكون ستراه " (٢).

وحاول ألفونسو خديعة المسلمين في تحديد يوم الموقعة، فكتب إلى المعتمد ابن عباد، يوم الخميس، يقول له إن غدا يوم الجمعة، وهو عيدكم، وبعده السبت يوم اليهود، وهم كثير في محلتنا، وبعده الأحد وهو عيدنا، فيكون اللقاء بيننا يوم الاثنين، فأدرك ابن عباد ويوسف خديعته، وجاءت طلائع المعتمد في الليل تنبىء أن معسكر النصارى في حركة وضوضاء وجلبة أسلحة، مما يدل على استعداد القوم لبدء القتال. ومن ثم فقد لبث المسلمون على أهبتهم حذرين متحفزين (٣).

وقد حدث في الواقع ما توقعه المسلمون، فإنه ما كاد يتنفس صبح اليوم التالي، وهو يوم الجمعة ١٢ رجب سنة ٤٧٩ هـ (٢٣ أكتوبر سنة ١٠٨٦ م) (٤)،


(١) راجع رسالة يوسف إلى المعز بن باديس السابقة الذكر.
(٢) الحلل الموشية ص ٣٥ و ٣٨، ونفح الطيب ج ٢ ص ٥٢٧، وابن الأثير ج ١٠ ص ٥٢
(٣) الحلل الموشية ص ٣٩، والروض المعطار ص ٩٢. وهذا ما يقرره يوسف نفسه في خطابه عن الموقعة إلى المغرب (راجع روض القرطاس ص ٩٧).
(٤) تختلف الرواية الإسلامية في تحديد تاريخ المعركة، فيقول ابن خلكان (نقلا عن البياسي) إنها كانت يوم الجمعة ١٥ رجب سنة ٤٧٩ هـ (ج ٢ ص ٤٨٤) ويتفق ابن الأثير معه في السنة، ولكنه يقول إنها كانت في أوائل رمضان (ج ١٠ ص ٥٣). ويقول المراكشي إنها كانت في رمضان سنة ٤٨٠ هـ (ص ٧٢). ولكن ورد في روض القرطاس (ص ٩٦)، وفي الحلل الموشية (ص ٤٠ و ٤١) أنها كانت يوم الجمعة ١٢ رجب سنة ٤٧٩ هـ. وهذا هو التاريخ الصحيح، وهو الذي يذكره يوسف بن تاشفين في خطابه بالفتح إلى عدوة المغرب، حيث يقول في ختامه " وكانت هذه النعمة العظيمة والمنة الجسيمة يوم الجمعة الثاني عشر لرجب سنة تسع وسبعين وربعمائة =

<<  <  ج: ص:  >  >>