للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتنفس مخنق المستعين بن هود صاحب سرقسطة، وبعث ألفونسو إلى سانشو راميرز ملك أراجون يستدعيه لإنجاده، وكان يومئذ قائماً بحصار طرطوشة، وبعث كذلك إلى أمراء ما وراء البرنيه، وحشد كل ما استطاع حشده من قوات جليقية وأشتوريش وبسكونية (نافار)، واستدعى قائده ألبار هانيس بقواته من بلنسية، وتقاطر إليه سيل من الفرسان المتطوعة من جنوبي فرنسا وإيطاليا.

واعتزم ألفونسو أن يلقي الأعداء في أرضهم حتى لا تخرب بلاده إذا وقعت به الهزيمة، وسار على رأس القوات النصرانية المتحدة إلى الجنوب للقاء المسلمين، وهو واثق من تفوق قواته في العدد والعدة، والكفاية الفنية، ولم تصله أنباء دقيقة عن حالة الجيش الإسلامي (١).

واستقرت الجيوش النصرانية، في مكان يبعد نحو ثلاثة أميال عن المعسكر الإسلامي، يفصل بينها وبين المسلمين فرع وادي يانة الممتد شمالا في اتجاه نهر " التاجُه " والذي يسمى اليوم " جريرو ". وجعل ألفونسو على مقدمة جيشه، قائده ألبار هانيس، وكانت تتألف في معظمها من جنود أراجون، والمتطوعة. وقد اختلفت الرواية في تقدير قوات المسلمين والنصارى. وتقدر بعض الروايات العربية جيش النصارى بثمانين ألف مقاتل، ويقدرها البعض الآخر بخمسين ألفاً أو أربعين ألفاً. وأما الجيش الإسلامي، فيقدره البعض بثمانية وأربعين ألفاً، والبعض الآخر بعشرين ألفاً، على أنه يبدو من الروايات المختلفة أن النصارى كانوا يفوقون المسلمين في العدد (٢). وكان الجيش الإسلامي، ينقسم حسبما قدمنا إلى وحدتين كبيرتين: قوات الأندلس، وتحتل المقدمة ويقودها المعتمد بن عباد، ويقود منها المتوكل بن الأفطس قوات الميمنة، ويشغل أهل شرقي الأندلس الميسرة، وأما القوات المرابطية، فكانت تحتل المؤخرة، وتنقسم إلى قسمين، يضم الأول فرسان البربر من سائر القبائل، ويتولى قيادته داود بن عائشة أبرع قواد البربر، ويتولى يوسف قيادة الجيش الإحتياطي المؤلف من نخبة أنجاده المرابطين من لمتونة وصنهاجة وغيرهما من القبائل البربرية.

ولبث الجيشان الخصيمان، كل منهما تجاه الآخر لا يفصلهما سوى النهر،


(١) R.M.Pidal: La Espana del Cid, p. ٣٣١ & ٣٣٢
(٢) راجع الحلل الموشية ص ٣٨، وابن الأثير ج ١٠ ص ٥٢، ونفح الطيب ج ٢ ص ٥٢٨، والمعجب للمراكشي ص ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>