للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل الأندلس ووفودهم تترى على يوسف، وتستجير به من عدوان النصارى.

وكان الصريخ هذه المرة آتياً بالأخص من أهل بلنسية ومرسية ولورقة، وكانت شئون شرقي الأندلس يومئذ قد سادها الاضطراب، من جراء تدخل القشتاليين في شئون بلنسية، وسيطرتهم عليها عن طريق صنيعتهم القادر بن ذى النون، وما تلا ذلك من مغامرات السيد إلكمبيادور في تلك المنطقة. بيد أنه كان ثمة مصدر آخر للعدوان المباشر في منطقة مرسية ولورقة وبسطة، هو حصن أليدو Aledo ( وتسميه الرواية العربية حصن لييط)، وكان ألفونسو السادس قد بعث في ربيع سنة ١٠٨٥ م، على أثر استيلائه على طليطلة، قواته بقيادة غرسيه خمينس إلى الأندلس الشرقية. لتغير عليها، وتعيث في أراضيها، فاجتاحت المنطقة الواقعة بين مرسية ولورقة. ثم عمد القشتاليون، لكي يبسطوا قبضتهم على تلك المنطقة، إلى إنشاء حصن ضخم، وافر المناعة، في مكان يسمى أليدو (لييط) يقع بين مرسية ولورقة، وهو أقرب إلى لورقة، وشحنوه بالسلاح والمقاتلة، واتخذوه قاعدة للإغارة على أراضي مرسية وألمرية، وبثوا فيها الرعب والروع، وعجزت القوات الأندلسية المحلية عن رد عدوانهم، حتى ضج أهل هذه الأنحاء مما ينزل بهم من صنوف الضر والأذى، وكثر صريخهم واستغاثاتهم، وتوالت كتبهم ورسلهم على أمير المسلمين في طلب الإنجاد والغوث (١).

وكان المعتمد بن عباد، وهو صاحب السيادة الشرعية على مرسية ولورقة، أشد الناس اهتماماً بإنقاذ تلك المنطقة من عدوان القشتاليين. وكان ألفونسو عقب هزيمة الزلاقة قد عزز حامية لييط وضاعفها، وأوعز إلى قائده غرسية خمينس بأن يشدد الضغط والتنكيل بأراضي لورقة ومرسية انتقاماً من المعتمد، لكونه قد خرج عليه، وعمل على استدعاء المرابطين (٢)، وبلغت حامية هذا الحصن الضخم يومئذ ثلاثة عشر ألف مقاتل منهم ألف فارس، وكان يشاطر المعتمد هذا الاهتمام، المعتصم بن صمادح صاحب ألمرية، لما كان ينزل بأراضيه من عيث نصارى أليدو (لييط)، وكان المعتمد يتوق في نفس الوقت إلى استرداد سلطانه الحقيقي في مرسية, وهي يومئذ تحت حكم ابن رشيق الفعلي، فحشد حملة من جنده، ومن المرابطين الذين تركهم يوسف، وسار أولا إلى لورقة، فامتنعت


(١) الحلل الموشية ص ٤٧ و ٤٨، وراجع: R.M.Pidal: ibid ; p. ٣١٩
(٢) روض القرطاس ص ٩٨، وكذلك: R.M.Pidal: ibid ; p. ٣٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>