للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، فغادرها إلى مرسية. وضرب حولها الحصار، ولكن ابن رشيق استطاع أن يكسب المرابطين، وأن يقنعهم بأن يتركوه في سلام، وهكذا فشلت الحملة وعاد ابن عباد إلى إشبيلية دون أن يحقق أي نجاح (١).

فاعتزم المعتمد أمره في استدعاء يوسف، للمعاونة في قمع شر حامية أليدو النصرانية، وعبر البحر بنفسه إلى المغرب مع بعض خاصته، فلقي أمير المسلمين بوادي سبو، وأفضى إليه بملتمسه، وشرح له ما يلقاه المسلمون في منطقة مرسية ولورقة وغيرهما، من عسف النصارى وغاراتهم، وشنيع عيثهم، فوعده يوسف بإجابة ملتمسه، وكان قد تلقى قبل زيارة ابن عباد كثيراً من الكتب، من فقهاء الأندلس وأعيانها، يلحفون في رجاء الإنجاد والغوث، لقمع بغي القشتاليين، والاستيلاء على أليدو مركز بغيهم، وعاد ابن عباد إلى إشبيلية بعد أن اطمأن لوعد يوسف وتأكيداته، وأخذ في إعداد السلاح وآلات الحصار (٢).

- ١ -

وأوفى يوسف بوعده، وعبر البحر إلى الأندلس في قواته في شهر ربيع الأول سنة ٤٨١ هـ (يوليه سنة ١٠٨٨ م). فتلقاه ابن عباد في الجزيرة الخضراء بالمؤن الوفيرة، وبعث أمير المسلمين بكتبه إلى ملوك الطوائف ورؤسائهم يستدعيهم جميعاً للجهاد، وأن يوافوه بقواتهم عند حصن لييط. وكان يوسف يبغي بعد الاستيلاء على حصن أليدو، أن يعمل للقضاء على سلطان " السيد " في منطقة بلنسية، ومن ثم فقد اتجه يوسف عن طريق مالقة صوب شرقي الأندلس، ومعه المعتمد في قواته، وانضم إليه في الطريق تميم بن بلقين صاحب مالقة، وأخوه عبد الله صاحب غرناطة، والمعتصم بن صمادح صاحب ألمرية، كل في قواته. ولما وصل إلى ظاهر حصن أليدو، وافاه هناك ابن رشيق صاحب مرسية في قواته، وعدة من رؤساء الأندلس من شقورة وبسطة وجيان وغيرها.

وضرب المسلمون الحصار حول الحصن، وكاد فضلا عن حاميته الضخمة، التي تضم ثلاثة عشر ألف مقاتل، يضم جماعات كبيرة من نصارى هذه المنطقة الذين التجأوا إليه. وسلط المسلمون آلات الحصار الضخمة على الحصن،


(١) Gaspar Remiro: Murcia Musulmana ; p. ١٣٤
(٢) روض القرطاس ص ٩٨، والحلل الموشية ص ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>