ثم التجأت إلى حماية ملك قشتالة، حينما اشتد خطر المرابطين على سائر تلك الأنحاء وربما كان ذلك بموافقة المعتمد. ولما كانت زائدة على جانب كبير من الجمال، وكان الملك النصراني من جهة أخرى مزواجاً، كلفاً بالنساء، فقد انتهز فرصة التجائها إليه، واتخذها خليلة ثم تزوجها. وتقول الروايات القشتالية في هذا الموطن، إن زائدة كانت تحب الملك النصراني " بالسماع "، وتتوق إلى الزواج منه، وأن المعتمد (بزعم أن زائدة كانت ابنته) قد نزل لملك قشتالة في هذه المناسبة عن قونقة، ووبذة وإقليش وأوكانيا وكونسويجرا وغيرها من الأماكن، وهي التي كان قد افتتحها من مملكة طليطلة أيام بني ذى النون، وذلك كمهر لزائدة. وقد يكون المعتمد قد نزل حقاً عن هذه الأماكن وغيرها لملك قشتالة، ولكن ذلك لم يكن سوى بعض ما تعهد به لملك قشتالة كثمن لحلفه وعونه. ومتى تقرر أن زائدة، لم تكن ابنته، فإنه لا محل أن يقرن هذا التنازل من جانب المعتمد بقصة زواج زائدة من الملك النصراني. ونقول تتمة لقصة زائدة إنها غدت خليلة أو زوجة لملك قشتالة، على الأرجح عقب سقوط قرطبة بقليل، في أوائل سنة ١٠٩٢ م، وأنها بهذه المناسبة اعتنقت النصرانية وتسمت باسم " إيسابيل "، وفي رواية باسم ماريا، ونصّر أولادها من الفتح، ومن كان معها من الحشم، ورزق منها ألفونسو بولده الوحيد سانشو، وتوفيت زائدة عند مولد ولدها سانشو، ودفنت بدير ساهاجون وذلك في سنة ١٠٩٧، أو ١٠٩٨ م. ولما اجتاح المرابطون أراضي قشتالة، في أوائل عهد الأمير علي بن يوسف بن تاشفين، وسار القشتاليون لمحاربتهم تحت أسوار قلعة إقليش، بعث ألفونسو بولده الصبي سانشو على رأس الجيش لكي يثير حماسة الجند، فقتل في الموقعة التي نشبت بين الفريقين، وقتل معه معظم أكابر الجيش وقادته، وذلك في سنة ٥٠١ هـ (١١٠٨ م). وتوفي ألفونسو على أثر ذلك غماً وحزناً (١).
ولم تذكر لنا الرواية الإسلامية اسم زائدة، ولا شيئاً من قصتها بطريق مباشر، ولكنها مع ذلك تقدم إلينا الدليل القاطع على حقيقة شخصيتها وصفتها، ولدينا في ذلك نصان كلاهما حاسم في تقرير هذه الحقيقة.
أولهما ما ورد في تاريخ ابن عذارى " البيان المغرب " في أخبار سنة ٥٠١ هـ