للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى سائر قواعد مملكة إشبيلية، ما عدا رندة وقرمونة وإشبيلية. وفي أوائل شهر ربيع الأول سنة ٤٨٤ هـ، نجد قائد المرابطين العام، سير بن أبى بكر أمام أبواب قرمونة. وكانت قرمونة أمنع قواعد مملكة إشبيلية الشمالية، وهي حصن إشبيلية من الشرق، فنازلها سير، ودخلها عنوة في السابع عشر من ربيع الأول (١٠ مايو سنة ١٠٩١ م). وأخذ يستعد لمنازلة إشبيلية.

ويقول لنا ابن أبي زرع في هذا الموطن، إن سير بن أبى بكر، حينما أشرف على إشبيلية، وقبل الزحف على قرطبة، كان يعتقد أن المعتمد، سوف يخرج إليه، ويتلقاه كعادته بالمعاونة والضيافات، ولكنه تحصن بالمدينة ولم يعن بشأنه، فكتب إليه سير يطلب إليه تسليم البلاد، والدخول في الطاعة، فرد المعتمد بالرفض، فضرب سير الحصار حول المدينة، وأخذ في منازلتها ومقاتلة ابن عباد، ويقدم إلينا ابن خلكان رواية مماثلة، إذ يقول إن يوسف أمر سيراً أن يعرض على ابن عباد أن يتحول إلى بر العدوة بأهله وماله، فإن قبل فبها ونعمت، وإن أبى فينازله، فلما عرض سير ذلك، لم يعطه ابن عباد جواباً، فنازله، وحاصره أشهراً (١).

حاصر المرابطون إشبيلية بقوات ضخمة، ولم يشك المعتمد منذ البداية أنه سوف يخوض مع المرابطين معركة الحياة والموت، فتأهب للدفاع عن ملكه وحاضرته بكل ما وسع، واستغاث بحليفه ألفونسو السادس ملك قشتالة. وكان ألفونسو قد اهتز لاجتياح المرابطين لمملكة إشبيلية على هذا النحو الصاعق، وأدرك من جانبه أن المسألة لم تعد تتعلق فقط بمملكة إشبيلية، ولا ملوك الطوائف وحدهم، وإنما أضحت مشكلة شبه الجزيرة الإسبانية كلها، ومسألة خطر اجتياح المرابطين لها واحتلالهم إياها. وكانت تجمعه في ذلك مع ابن عباد قضية واحدة، هي قضية دفع خطر المرابطين عن الوطن المشترك، ومن ثم فقد بادر من فوره بإرساله حملة قوية بقيادة ألبار هانيس أكبر قواده وأبرعهم، لإنجاد ابن عباد.

وتقول الرواية الإسلامية إن هذه الحملة كانت تتألف من عشرين ألف فارس وأربعين ألف راجل (٢)، وتقول الرواية النصرانية إنها كانت تتألف فقط من


(١) ابن خلكان في وفيات الأعيان ج ٢ ص ٤٨٧.
(٢) روض القرطاس ص ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>