للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألفي وخمسمائة فارس. وبعث سير بن أبى بكر لقتال القشتاليين حملة من عشرة آلاف فارس، بقيادة ابراهيم بن إسحاق اللمتوني، وهي حملة تقدرها الرواية النصرانية بخمسة عشر ألفاً. والتقى القشتاليون والمرابطون على مقربة من حصن المدور، وفي رواية أخرى أن اللقاء كان في بلمة من أحواز إشبيلية (١)، ونشبت بينهما معركة عنيفة، قتلت فيها جموع كبيرة من الفريقين، وانتهت بنصر المرابطين وارتداد القشتاليين، وقد أثخن قائدهم ألبار هانيس جراحاً (٢)، وانهار بذلك آخر أمل كان يعلقه ابن عباد على معاونة حلفائه القشتاليين.

واستمر حصار المرابطين لإشبيلية زهاء أربعة أشهر، ودافع المعتمد وجنده عن حاضرتهم أشد دفاع، وصمدت المدينة لهجمات المرابطين ومحاولاتهم، حتى أنه ينسب لقائدهم سير بن أبى بكر أنه قال " لو أني أقصد مدينة الشرك لم تمتنع هذا الامتناع " (٣).

وفي خلال ذلك حاول جماعة من أهل المدينة من خصوم بني عباد، أن يضرموا الثورة داخل المدينة، حتى يضطرب أمر الدفاع، ويمهد السبيل لدخول المرابطين، ووقف المعتمد على أمرهم، ولكنه أبى أن يقوم بإعدامهم وفقاً لنصح قادته، واكتفى بمراقبتهم والتحوط لسعيهم. وأخيراً استطاع المرابطون بمداخلة بعض أولئك الخونة، أن يحدثوا ثلمة في السور، عند باب الفرج على مقربة من النهر (يوم ٥ رجب). ووقف المعتمد على الخبر فبادر لتوه في ثلة من فرسانه، لرد الداخلين من جند العدو، وهو دون درع أو عدة، وليس عليه سوى قميص يشف عن بدنه، وتلقى المعتمد خلال المعركة التي نشبت طعنة تحت إبطه من فارس مرابطي، فوثب المعتمد يطاعنه فشقه بسيفه، ومزقت تلك الثلة من المرابطين، وأصلحت الثلمة على الأثر. بيد أنه حدث في عصر ذلك اليوم ذاته، أن تمكن بعض المرابطين من الوصول إلى أسطول إشبيلية الراسي في الوادي الكبير، وأضرموا النار فيه، فهلكت معظم سفنه، وأدرك الناس عندئذ أن خطط الدفاع عن المدينة، أخذت في الانهيار، وسرى بينهم الرعب، وبادر كثيرون إلى الفرار، بعضهم عن طريق النهر، والبعض الآخر بالترامي


(١) ابن الخطيب في أعمال الأعلام ص ١٦٣.
(٢) راجع روض القرطاس ص ١٠٠ و ١٠١. وكذلك: R.M.Pidal: ibid ; p. ٤٠٧ & ٤٠٨
(٣) كتاب التبيان ص ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>