للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القشتاليون. وفروا تاركين خيامهم، وأغضى ألفونسو عن مطاردتهم حقناً للدماء. وكاد سانشو يرتد أدراجه، لولا أن تقدم منه أحد فرسانه. ونصح له بأن يجمع جنده، ويعيد الكرة، في الفجر تحت جنح الظلام، بعد أن اطمأن الليونيون إلى نصرهم، وخبت همتهم، وكان صاحب هذا النصح هو الفارس ردريجو دياث. الذي عرف فيما بعد بالسيد، وهي أول مناسبة يردد التاريخ فيها اسمه. واستجاب سانشو لهذا النصح، فاستجمع جنده، وهجم في الفجر على الليونيين وهم نيام، فدب إليهم الاضطراب والذعر، وقتل الكثير منهم أثناء النوم، وفر ألفونسو، والتجأ إلى كنيسة بلدة كريون، فقبض عليه وزج إلى حصن برغش، ودخل سانشو بجيشه ظافراً إلى مدينة ليون (يوليه سنة ١٠٧١ م) وهنا تدخلت دونيا أوراكا، وكانت تحب أخاها ألفونسو، وسعت إلى إنقاذه من الأسر. فاستجاب سانشو إلى رجائها، وقبل الإفراج عن ألفونسو، بشرط أن يرتدي حلة الرهبان، وأن يقيم في دير ساهاجون، فاضطر ألفونسو إلى القبول، ولجأ إلى الدير، وهنا دبرت أخته أوراكا فراره من الدير، فسار إلى طليطلة والتجأ إلى ملكها، المأمون بن ذى النون (١). فاستقبله المأمون بمنتهى الترحاب والإكرام، وعامله كأخيه حسبما تقول الرواية النصرانية، وأنزله داراً بجوار قصره، وأعد كل ما يلزم لراحته، وخصص له داراً أخرى خارج المدينة ذات رياض وحدائق للتنزه فيها، والاجتماع بصحبه النصارى، ولاسيما مستشاره فرناندو أنسوريز، وكان يعيش معهم في أحسن الظروف وأكرمها (٢).

وإليك كيف يصف الأستاذ بيدال استقبال المأمون لضيفه: " استقبل المأمون الملك المغلوب بإكرام، بعد أن قطع له العهود اللازمة لسلامته. وأنزله داراً ملحقة بالقصر الملكي ذاته، تشرف على تحصينات المدينة تجاه قنطرة " القنطرة ".

وهكذا كان الملك المنفي يعيش بعيداً عن ضجيج المدينة المسلمة، وكان بوسعه أن يتريض في حدائق الملك الشاسعة الواقعة في الناحية الأخرى من القنطرة داخل المنحنى الكبير الذي يحتضنه نهر التاجُه ".


(١) لم يفت الرواية الإسلامية الإشارة إلى هذه الحوادث، وهي تسمى دير ساهاجون، " بسفقند ". راجع أعمال الأعلام ص ٣٣٠.
(٢) M.Lafuente: ibid ; Vol.II.p, ٣٩٦

<<  <  ج: ص:  >  >>