لقبضته منه، وأمده بقوة من جنده، وأخضعت المدينة الثائرة، وجلس القادر على عرضها مرة أخرى، تحت ظلال الحراب النصرانية، وذلك في سنة ٤٧٤ هـ (١٠٨١ م).
وهنا نضجت خطة ألفونسو في الاستيلاء على طليطلة، وأخذ يعد معداته الأخيرة. وكان المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية، لما رأى اشتداد ساعد ألفونسو وغزواته الكاسحة نحو الجنوب، وخشى أن يتحول نحوه هذا التيار المخرب، وأن ينزعه ألفونسو، ما استولى عليه من أراضي طليطلة الجنوبية، قد عقد معه حلفه المشهور الذي يتعهد فيه بأداء الجزية، وبأن يترك ألفونسو حراً في مشروعه ضد طليطلة، ويتعهد ألفونسو من جانبه بأن يساعده على سائر أعدائه المسلمين، وهو الحلف الذي زعمت التواريخ النصرانية، بأن المعتمد قد رأى أن يدعمه بتقديم ابنته " زائدة "، زوجاً لألفونسو. وهي قصة أثبتنا بطلانها وسخفها فيما تقدم من أخبار المعتمد.
وشعر ألفونسو بحق أن طليطلة قد أضحت تحت رحمته، ولم يبق عليه إلا أن يتم خطته التمهيدية من تخريب أراضيها وإعدام أقواتها، وقد استمر على تنفيذ هذه الخطة المدمرة زهاء أربعة أعوام، مذ عاد القادر إلى عرشه في سنة ١٠٨١ م، كل ذلك وملوك الطوائف جميعاً إلا واحداً منهم هو أمير بطليوس الشهم، يشهدون اقتراب النكبة جامدين، إما بدافع الأثرة والخوف أو عدم الاهتمام والتخاذل، حتى حم القضاء، وسقطت المدينة الأندلسية التالدة في يد ألفونسو السادس في فاتحة شهر صفر سنة ٤٧٨ هـ (٢٥ مايو ١٠٨٥ م). وقد سبق أن تناولنا حوادث سقوط طليطلة وما تلاه، مفصلة في أخبار مملكة بني ذى النون، فلا حاجة بنا إلى التكرار، وإنما نود فقط أن ننوه هنا بالطابع الصليبي لحصار طليطلة وافتتاحها، فقد اشترك فيه إلى جانب جنود قشتالة وليون، جند من أراجون، ومتطوعون ومغامرون من فرنسا وغيرها، قدموا للاشتراك في مشروع يهم النصرانية كلها.
وقد عادت طليطلة منذ افتتاحها عاصمة لإسبانيا النصرانية، كما كانت أيام القوط، وردت إليها صفتها القديمة كمركز رئيسي للكنيسة الإسبانية، وهي ما تزال تحتفظ حتى يومنا بهذه الصفة، وعين لرياستها الأسقف برنار الفرنسي، عميد دير