ولاية بأسرها مثل جليقية أو أشتورية. وتليها مرتبة الكونت أو القومس، وهو الذي يُقطع منطقة معينة، ثم أصحاب المنح الصغيرة، وهم البارونات أتباع القومس.
وكان هذا النظام عسكرياً، في جوهره، تقترن مراتبه المدنية بالرتب العسكرية، فالدوق يتولى قيادة جيش الولاية، ويقود القومس فرقته، وتتكون من البارونات فرق الفرسان، والفارس هو أدنى مراتب النبل، بيد أن الفرسان كانوا قوام الجيش، وعليهم تتوقف مصاير الحرب، وكان الجند المشاة يتكونون من أتباع البارونات، ومن حشم الدوقات والقوامس.
وكان العرش يخوض معارك دائمة مع أولئك النبلاء الإقطاعيين، وكان يضطر في أحيان كثيرة إلى مهادنتهم والإذعان لمطالبهم، فكانوا بذلك يفوزون بالولايات والرياسات رغم إرادة العرش.
وإلى جانب ذلك كان يقوم هيكل الإقطاع الزراعي على نفس الأسلوب المتدرج، فيقطع كبار الملاك المزارعين الأحرار، أجزاء من الأرض يزرعونها على أن يؤدوا للمالك نصف الدخل أو ثلثه على الأقل، ولم تكن هذه المنح الزراعية تحدد بوقت معين، بل كان الزارع يعتبر نفسه مالكاً للأرض، ثم تؤول من بعد وفاته إلى أولاده يزرعونها بنفس الطريقة، بيد أنه كان ملزماً بالإقامة فيها، فإذا غادرها إلى ناحية أخرى فقد الحق في استغلالها.
وكان عدد الأرقاء في ذلك العصر، الذي كثرت فيه الحروب، وكثر فيه السبي والأسر كثيراً، وكانت هذه الجماهير الغفيرة من المسلمين الذين يؤسرون في الغارات أو الحروب المختلفة التي تشنها الجيوش النصرانية على الممالك الأندلسية، يقضي عليهم دائماً بالرق، ويلزمون بأشق الأعمال الزراعية وغيرها، ولا يمنحون الحرية إلا باعتناق النصرانية.
وأما عن التشريع، فقد نظم ألفونسو السادس العدالة، وألغى حق " القوة " وهو العرف الذي كان يسمح للقوي بأن يقتضي بنفسه وبالعنف ما يزعم أنه حق له وفرض على الدوقات والقوامس، أن يعاقبوا مرتكبي الجرائم، فوضع بذلك حداً لجرائم الفرسان الناهبين، وعيث القتلة واللصوص في سائر أنحاء المملكة.
وكان يشترك في وضع القوانين عظماء المملكة وأكابر رجال الدين الأشراف، وتعقد اجتماعاتهم عندئذ في صفة هيئة تشريعية أو برلمان " كورتيس " Cortes،