رأينا في بداية هذا الفصل كيف هلك غرسية ملك نافار في موقعة أتابوركا التي نشبت بينه وبين أخيه فرناندو (سنة ١٠٥٤ م)، وكيف اختار فرناندو مع ذلك سانشو ولد أخيه الملك القتيل ليخلفه على عرش نافار، على أن يكون تحت طاعته.
وكان يحكم أراجون في ذلك الوقت، الملك راميرو بن سانشو الكبير، وكان في بداية حكمه قد حاول غزو مملكة نافار وانتزاعها من يد أخيه غرسيه، ولكنه هزم كما رأينا، ومزق جيشه، واضطر أن يلجأ إلى السكينة حيناً ليعني بتنظيم شئونه والنهوض من عثاره. ولما قتل أخوه غرسية، وتولى ولده سانشو الحكم مكانه، لبث محافظاً على حياده وسكينته نحو جارته نافار، ولكنه وجه عدوانه نحو مملكة سرقسطة، وحاول غزوها، فاستنصر أميرها المقتدر بن هود، بفرناندو ملك قشتالة، فأمده ببعض قواته، ونشبت بين الفريقين في جرادوس معركة هزم فيها راميرو وقتل (١٠٦٣ م).
فخلفه على عرش أراجون ولده سانشو، المعروف بسانشو راميرز. ولما توفي فرناندو ملك قشتالة حاول ولده سانشو أن يستولي على مملكة نافار، وكان شانشو ملك نافار، شعوراً منه بأطماع ملك قشتالة، قد عقد حلفاً مع جاره سانشو راميرز، فلما سار سانشو لمحاربتهما، استطاعا أن يقفا في وجهه، وأن يهزماه في موقعة فيانا (١٠٦٧ م).
واستمر سانشو ملكاً على نافار اثنين وعشرين عاماً، وفي عهده توطد مركز نافار بين جيرانها، وأقر المقتدر بن هود صاحب سرقسطة لها بدفع الجزية في سنة ١٠٦٩ م، وعقد مع سانشو حلفاً لمعاونته في حربه ضد خصومه سواء من المسلمين أو النصارى. وجدد هذا التحالف في سنة ١٠٧٣ م. ولم يمض قليل على ذلك حتى قتل سانشو في كمين دبره أخوه ريموند وأخته أرمزندة، وذلك في سنة ١٠٧٦ م، فسخط الشعب النافاري لتلك الجريمة أيما سخط، واستدعى سانشو راميرز ليعتلي عرش نافار. ولكن ريموند استغاث بألفونسو ملك قشتالة، فسار إلى نافار من ناحيتها الغربية، وسار إليها سانشو راميرز من ناحيتها الشرقية، وتفاهم الملكان على اقتسامها، بالرغم من وجود ولدى الملك القتيل القاصرين.