فاستولى سانشو على الجزء الواقع في منطقة البرنيه، وفيه العاصمة بنبلونة، واستولى ألفونسو على القسم المحاذي لنهر إيبرو، وبذلك اختفت مملكة نافار المستقلة إلى حين، بعد أن استطاعت أن تذود عن استقلالها عصوراً بإصرار وبسالة، ونمت مملكة أراجون، واتسعت رقعتها اتساعاً كبيراً، وبدأت تلعب دورها العظيم في شمال شرقي الجزيرة الإسبانية.
واتجهت أطماع سانشو راميرز بالأخص إلى جارته الإسلامية الجنوبية، أعني مملكة سرقسطة، فقام بمحاصرة مونتشون وأخذها في سنة ١٠٨٩ م، ثم سار لحصار وشقة أمنع قواعد مملكة سرقسطة الشمالية وحاصرها، ولكنه توفي بعد قليل تحت أسوارها، فتابع ولده وخلفه بيدرو الأول الحصار، واستغاث المستعين بملك قشتالة فأمده ببعض قواته، وسار لإنجاد المدينة المحصورة، ووقعت بينه وبين بيدرو معركة شديدة في الكرازة، فهزم المستعين وحلفاؤه القشتاليون هزيمة شديدة، وسقطت وشقة بعد ذلك بأيام قلائل في نوفمبر سنة ١٠٩٦ م (٤٨٩ هـ) حسبما فصلنا ذلك من قبل في موضعه من أخبار مملكة سرقسطة.
وفي العام التالي سار بيدرو في قواته لمعاونة حليفه السيد إلكمبيادور ضد المرابطين، ووقعت الهزيمة على المرابطين في " مندير " قرب بلنسية.
واستمر بيدرو الأول على عرش أرجون حتى وفاته سنة ١١٠٥ م، وكان ملكاً شجاعاً مقداماً، وهو الذي مهد بافتتاحه لوشقة وبربشتر إلى القضاء على مملكة سرقسطة، وسقوطها فيما بعد في يد أخيه وخلفه ألفونسو، وكان ورعاً متعصباً، لا يكاد يفتح مدينة إسلامية، حتى يحول في الحال مساجدها إلى كنائس، ويغدق الصلات الوفيرة على الكنائس والأديار. ولما كان ولده الوحيد قد توفي قبل وفاته، فقد خلفه على عرش أراجون أخوه ألفونسو الأول الأرجوني المعروف بالمحارب، وهو الذي قدر له، فيما بعد بزواجه من أورّاكا ابنة ألفونسو السادس ملك قشتالة، أن يحكم سائر الممالك الإسبانية، وأن يغدو من أعظم ملوك اسبانيا.
إمارة برشلونة
إلى جانب الممالك الإسبانية النصرانية، التي تقوم في النصف الشمالي من شبه الجزيرة الإسبانية، كانت تقوم في الركن الشمالي الشرقي مما يلي جبال البرنيه،