ولما توفي رامون برنجير الأول خلفه ولداه برنجير ورامون في حكم الإماره معاً وفقاً لوصيته. ولكن الخلاف ما لبث أن نشب بينهما، وانتهى الأمر بالاتفاق على أن يتسمى كل منهما بكونت برشلونة، وأن يتناوبا الحكم كل ستة أشهر,
وفي سنة ١٠٨٢ م، قتل رامون غيلة، واتجهت الشبهة في ذلك إلى أخيه. وقام برنجير بحكم الإمارة منفرداً بالأصالة عن نفسه، وبصفته وصياً على ولد أخيه القاصر رامون الثالث.
وكان بنو هود أمراء سرقسطة، وهم جيران إمارة برشلونة، يعتقدون في مقدرة الفرسان القطلان أبناء هذه الولاية، ويحصلون على معاونة آل برنجير من آن لآخر. وقد لعب أمراء برشلونة في ذلك الوقت الدور الذي لعبه معظم الملوك النصارى، في معاونة الأمراء المسلمين، سواء ضد أبناء دينهم المسلمين أو ضد النصارى أنفسهم. وقد أشرنا إلى ما وقع من ذلك في كثير من المواطن في أخبار مملكة سرقسطة ومملكة بلنسية. وكان أبرز دور قام به آل برنجير في ذلك هو استعانة المستعين بن هود بالكونت برنجير في مشروعه لافتتاح بلنسية. وكان الكونت يضطرم بغضاً نحو " السيد " ومشاريعه. فسار في قواته لمحاصرة بلنسية، ولبث على حصارها وقتاً، حتى اقترب " السيد " بقواته من المدينة، وتبادل السيد والكونت بعض رسائل التحدي المهينة، وأخيراً وقعت الحرب بينهما، فهزم الكونت وأسر، ولم يطلقه السيد إلا لقاء فدية كبيرة، ثم وقع التفاهم بينهما، وترك الكونت حصار المدينة وعاد بقواته (١٠٩٠ م).
ومما هو جدير بالذكر أن الكونت برنجير، اشترك قبل ذلك بقليل مع قوات ألفونسو السادس، في موقعة الزلاّقة (١٠٨٦ م) إلى جانب باقي الملوك النصارى، إيماناً منهم جميعاً، بأنهم يقاتلون في معركة صليبية عامة.
واستمر الكونت برنجير في حكم إمارة قطلونية حنى سنة ١٠٩٢ م، ثم ترك الحكم لابن أخيه الفتى رامون برنجير الثالث، وسافر حاجاً إلى المشرق، فحكم رامون الإمارة بكفاية، وقاوم غزوات المرابطين فيما بعد بنجاح.