للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ١ -

رسالة كتب بها الأمير أبو يعقوب يوسف بن تاشفين إلى الناصر بدين الله تميم بن المعز بن باديس بالمهدية. يصف فيها بلاد الغرب، وجوازه للأندلس للجهاد بها، وهزيمته للأذفونش أمير النصارى في رجب سنة تسع وسبعين وأربعمائة.

(منقولة عن المخطوط رقم ٤٤٨ الغزيري بمكتبة الإسكوريال ( Fol. ٤٩R.-٥٣V) وهو مخطوط ناقص من أوله ولا عنوان له).

" الحمد لله الذي من علينا بالإسلام، وفضلنا بمحمد عليه السلام، أحمده حمداً يوجب المزيد من آلايه، والسبوغ من سر الله ونعمائه. كان من قضايه جل شأوه، وتقدمت أسماؤه، لما أراد قمع المردة الطغاة من زناتة وغيرهم في بلاد المغرب، سبّب لنا إليهم المطلب، فقفونا آثارهم، وأخلينا منهم ديارهم، وكذلك نفعل بالقوم الظالمين، فقومنا الدّين، ومهدنا بها المسلمين، فصفت لنا ضمائرهم، وخلصت إلى ألله تعالى نياتهم، وسرايرهم، حتى وصلنا طنجة الركاب، وأذقنا برغواطة سوم العذاب، ففتح الله لنا وبها، وهو خير الفاتحين، وأسرع الحاسبين، لا إله غيره وهو أرحم الراحمين. ولما بلغنا من استحواذ النصارى، دمرهم الله، على بلاد الأندلس ومعاقلها، وإلزام الجزية لرؤسائهم، واستيصال أقالمها، وإيطايهم البلاد داراً داراً، لا يتخوفون عسكراً يخرج إليهم، فيبدد جمعهم، ويفل حدهم، وهم مع ذلك كله يقتلون الشيب والشبان، ويأسرون النساء والصبيان. فخوطبا عن الجواز إلى الأندلس من جميع الأحواز، المرة بعد المرة، وألوتنا الأعذار إلى وقت الأقدار، ولم نجد للجواز باباً، ولا لدخول البحر أسباباً، فانضم لنا منهم الريس الأجل المعتمد على الله، المولاّ بنصر الله، أحسن الله في كل الأمور عونه، وأقر بكل صالحة عينه، فعزمنا على الغزو، وجوزنا للعدو أسوداً ضارية، وسباعاً عادية، شيباً وشباناً، بسواعد قوية، وقلوب في سبيل الله نقية، قد عرفوا الحرب وجربوها، فهي المهم وهم بنوها، يتلمظون تلمظ الفهود، ويزءرون إليها زءر الأسود، فشحنا بهم القوارب،

<<  <  ج: ص:  >  >>