رسالة لابن (إسحق) عن المقتدر بالله إلى ابن عباد يعرفه بأمر أخيه صاحب لاردة.
(منقولة عن المخطوط رقم ٤٨٨ الغزيري بمكتبة الإسكوريال Fot.١١٨V - ١١٩R)
" سيدي، وأعلى عددي، وأقوى عمدي، وأزكى ذخري لأبدي، ونعمة الله المستطيلة بيدي، المناهضة بعضدي، ومن أطال الله بقاه في عز رفيع المراتب، وحرز منيع الجوانب، إذ أحكام الفتن، وحوادث الزمن، لا تزال تحل على كل ما لا يقع بإيثار، ولا يجري على حكم واختيار، فرب كريهة لا يلقى المرء عن اقتحامها معدلا، ومساءة لا يزال عن التزامها مرحلا، وقديماً جَدّ الجفاء العقوق، وأبطل التجني الحقوق، وقد يخرج الحليم، ويتغيس الحميم، وتقطع الرحم، وتنبذ الذمم، لاسيما عن مجاذبة ما يمنع الحسد، باتراً أواصر الإخاء والإجمال، وتحاسد القرابة داء قديم، وخلق في الناس معلوم، وإني أيدك الله، بليت من المظفر أخي بظالم لا يؤمل منه إنصاف، ومتحمل لا تستنزله ألطاف، وحاسد لا يرجى استرضاؤه، وموجب لنفسه حقاً لا يوجب مضاؤه، إذا سألته نصفة أبدا منه أنفه، وإن سمته عدلا مال إلى الجور ميلا، وإن خفضت له جناح الذل، أوطأني جهر الجفا، وإن أقبلت عليه بناظر الود، أول من صفحة الإبداء، وإن استدنيته شحط، وإن استرضيته سخط، وإن حكمته تشطط، وإن أغضيت له تسلط، وأنا في أثناء ذلك كله أحاوله على أخلاقه، وألبسه على أخلاقه، وأستمع منه بغير مستمع، وأرفع منه بغير مرفع، وعقارب مضرته تدب، وعواصف معرته تهب، وأذاه قاصد إلى في خاصتي، ومفسد على بطانتي، لا يألو في مساءتي سعياه اجتهاداً، ولا آلو إلى مسرته تأنياً وانقياداً، آخذاً بالحجة عليه، وتقدماً بالجميل إليه، وطمعت أن تكون نظرة تريه مواقع ظلمه، وتعرفه جور حكمه، ولا يزداد إلا اغتراراً، ولا يبدى إلا استكباراً إلى أن سولت له نفسه أموراً كان فيها اضطلاع الإسلام، وحاول أحوالا تمامها هادية ... ورام معاجلتي بالتي ليحس فيها استبقاء، ولا بعدها بقاء، وسألني مع هذا الاجتماع بي ليسوسني ... الإذعان إلى مطالبه، والموافقة في مذاهبه، فأجبته