للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(سانشو) ابن ملك الروم، فسمع منها، فبعث ولده شانجه في جيوش كثيرة من زعماء الروم وأنجادهم " (١).

وزحف الجيش القشتالي بسرعة لإنجاد قلعة أقليش. وفي تلك الأثناء، في عصر يوم الخميس ١٥ شوال (٢٨ مايو) كانت الأنباء قد ترامت عن قرب مقدمه إلى العسكر المرابطي. وهنا تختلف الرواية في تصوير موقف الجيش المرابطي، وموقف قائده الأعلى الأمير أبى الطاهر تميم. ذلك أن صاحب روض القرطاس يقول لنا إن تميماً حين علم باقتراب القشتاليين، أراد الارتداد والإحجام عن لقائهم، فنصحه محمد بن عائشة ومحمد بن فاطمة وغيرهما من قواد لمتونة بالبقاء وملاقاة العدو، وهونوا عليه الأمر، خصوصاً وأن القادمين لا يزيد عددهم عن ثلاثة آلاف فارس. فنزل تميم عند النصح، فلما وافى القشتاليون عند مغيب الشمس، ورأى تميم وفرة حشودهم، أراد الفرار والإحجام عن لقائهم، ولكنه لم يجد سبيلا إلى ذلك، وصمم قواد لمتونة على لقاء العدو ومناجزته (٢). بيد أن تميماً يصور لنا الموقف في رسالته التي يصف فيها الموقعة والتي سبقت الإشارة إليها تصويراً آخر. فيقول لنا إنه حين مقدم القشتاليين، استدنى إليه" القائدين المجربين، ذوي النصيحة والآراء الصحيحة، أبا عبد الله محمد بن عائشة، وأبا عبد الله محمد بن فاطمة وأنهم بعد المشاورة، اجتمعوا على كلمة الله متعاقدين، وخضعوا إلى حكمه مستسلمين " ثم يقول: " ونهضنا بجملتنا، من محلتنا والصبر يفرغ علينا لامه، والنصر يبلغ إلينا سلامه، وتوجهنا إلى الله نقتفي سبيله، ونبتغي دليله " فكان اللقاء، وكانت الموقعة.

ولم تقدم إلينا الروايات بيانات كافية عن عدد الجيشين المتحاربين. بيد أنه يستفاد من أقوالها عن الجيش المرابطي، الذي كان يتكون من حشود غرناطة وقرطبة وشرقي الأندلس ومن انضم إليه من المتطوعة المجاهدين خلال مسيره، أنه كان يضم عدة آلاف من الفرسان، إذ كانت حامية غرناطة تتكون من ألف فارس، ومثلها حامية قرطبة، وكانت الحامية المرابطية بشرقي الأندلس تتكون من أربعة آلاف فارس. أما الجيش القشتالي القادم للنجدة، فمن المرجح أنه كان متفوقاً على المرابطين في الكثرة، يدل على ذلك إحجام تميم في البداية عن لقائه، وتوجسه


(١) روض القرطاس ص ١٠٤.
(٢) روض القرطاس ص ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>