" وما كان إلا أن وصلت وصل الله برك بتقواه، على مقربة من هذه الحضرة، ونحن نأمل منك بحول الله أسباب النصرة، بتلك العساكر التي أقر العيون بهاؤها، وسر النفوس زهاؤها، فسرعان ما انثنيت وما انتهيت، وارعويت، وما أدنيت، خايباً عن اللقاء، ناكصاً على عقبيك عن الأعداء، فما أوليتنا غَنَاء، بل زدتنا بلاء وعلى الداء داء، بل أدواء، وتناهت بنا الحال جهداً والتواءً، بل أذللت الإسلام والمسلمين، واجترأت فضيحة الدنيا والدين. فيالله وياللإسلام، لقد اهتضم حرمه وحماه أشد الاهتضام، إذ أحجمت أنصاره عن إعزازه أقبح الإحجام، ونكصت عن لقاء عدوه وهو في فئة قليلة، ولمة رذيلة، وطايفة قليلة ".
ثم يشير الكاتب بعد ذلك إلى أهمية سرقسطة الدفاعية وعواقب سقوطها الوخيمة على مركز المرابطين في شبه الجزيرة في قوله:
" فما هذا الجبن والفزع، وما هذا الهلع والجزع، بل ما هذا العار. والضيع، أتحسبون يا معشر المرابطين، وإخواننا في ذات الله المؤمنين، إن سبق على سرقسطة القدر، بما يتوقع منه المكروه والحذر، أنكم تبلغون بعدها ريقاً، وتجدون في ساير بلاد الأندلس عصمها الله، مسلكاً من النجاة أو طريقاً - كلا والله ليسومنّكم الكفار عنها جلاء وفراراً، وليخرجنّكم منها داراً فداراً، فسرقسطة حرسها الله هي السد الذي إن فتق، فتقت بعده أسداد، والبلد الذي إن استبيح لأعداء الله، استبيحت له أقطار وبلاد، فالآن أيها الأمير الأجل، هذه أبواب الجنة قد فتحت، وأعلام الفتح قد طلعت، فالمنية ولا الدنية، والنار ولا العار، فأين النفوس الأبية، وأين الأنفة والحمية، وأين الهمم المرابطية، فلتقدح عن زنادها، بانتضاء حدها، وامتضاء جدها، واجتهادها، وملاقاة أعداء الله وجهادها، فإن حزب الله هم الغالبون ".
ويتوجه الكاتب في ختام رسالته، بالضراعة إلى الأمير أن يقبل على سرقسطة، وألا يتأخر قبل وقوع الكارثة فيقول:
" ولن يسعك عند الله، ولا عند مؤمن، عذر في التأخر والارعواء من مناجزة الكفار والأعداء. وكتابنا هذا أيها الأمير الأجل، اعتذار تقوم لنا به الحجة في جميع البلاد، وعند ساير العباد، في إسلامكم إيانا إلى أهل الكفر والإلحاد، ونحن مؤمنون، بل موقنون إجابتك إلى نصرتنا، وإعدادك إلى الدفاع عن