(٥١٣ هـ)(١). ثم عبر ألفونسو جبال سييرا مولينا التي تفصل بين أراجون وقشتالة، وزحف على قلعة أيوب وكانت من أمنع ما بقي من معاقل الثغر الأعلى، فاستولى عليها كذلك. وكانت أنباء هذه المحن المتوالية، التي نزلت بمسلمي الثغر الأعلى، وتوالى سقوط قواعده في أيدي النصارى، قد وصلت إلى أمير المسلمين علي بن يوسف، فاهتم لها، وكتب إلى أخيه الأمير أبى إسحق ابراهيم بن يوسف، والي إشبيلية منذ وفاة واليها السابق القائد محمد بن فاطمة في سنة ٥١١ هـ، بتجهيز الجيوش، والمبادرة إلى السير لقتال ملك أراجون (ابن رذمير)، ووضع حد لعدوانه، وكتب في نفس الوقت إلى القادة والرؤساء بالأندلس أن ينهضوا بقواتهم مع أخيه، وأن يكونوا تحت إمرته. فحشد إبراهيم قواته، ووافته قوات قرطبة بقيادة واليها ابن زيادة، وقوات غرناطة بقيادة واليها الأمير محمد بن تينغمر اللمتوني، وقوات مرسية بقيادة أبى يعقوب ينتان بن علي، وجماعة أخر من الرؤساء والقادة، وعدد كبير من المتطوعة. وسار الأمير إبراهيم في هذه القوات الجرارة صوب الشمال. وكان ألفونسو قد انتهى وفقاً لبعض الروايات من افتتاح قلعة أيوب، وسار منها لافتتاح دروقة قرينتها في المنعة والأهمية، والواقعة في جنوبها. وفي رواية أخرى أنه لم يكن قد انتهى بعد من افتتاح قلعة أيوب، حينما اقتربت منه الجيوش المرابطية. وكان ألفونسو حينما علم بتحرك المرابطين وسيرهم إلى قشتالة قد استقدم سائر قواته، واجتمع له وفقاً لأقوال الرواية الإسلامية زهاء اثنى عشر ألف فارس، غير المشاه والرماة وهم جموع غفيرة لا تحصى. ووقع اللقاء بين المسلمين والنصارى في ظاهر بلدة صغيرة تسمى كَتُندة أو قَتُندة على مقربة من دورقة، وذلك في الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول - وعلى قول آخر ربيع الثاني - سنة ٥١٤ هـ (يونيه أو يوليه سنة ١١٢٠ م). ونشبت بين الفريقين معركة عنيفة، كانت الدائرة فيها على المسلمين، فهزموا هزيمة شديدة، أو " هزيمة منكرة " على قول ابن الأثير وكثر القتل فيهم، وسقط منهم في ميدان القتال، وفقاً لأقوال الرواية الإسلامية نحو عشرين ألفاً من المتطوعة، وتنوه الرواية الإسلامية بنوع خاص بمن استشهد في الموقعة من العلماء والفقهاء، وفي
(١) روض القرطاس ص ١٠٦، وكذلك M. Lafuente: ibid ; V. III. p. ٢٣٨. ونقل ْالمقري عن ابن اليسع أن تطيله وطرسونة قد سقطتا في أيدي النصارى في سنة ٥٢٤ هـ (١١٣٠ م) وهذا مناقض لما يذكره روض القرطاس وتؤيده الرواية النصرانية من أن سقوط طرسونة وغيرها من معاقل الثغر الأعلى كان في سنة ٥١٣ هـ (١١٢٠ م).