للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في إنشاء إمارة متاخمة لقشتالة من ناحية الجنوب الغربي، تتكون من بعض البلاد والقرى الإسلامية النائية المجاورة لحدود قشتالة، وذلك لكي يجعل منها قاعدة أمامية لعدوانه على أراضي الأندلس، ووسيلة للضرب والتفريق بين المسلمين في تلك المنطقة، بيد أنه فشل في مشروعه واقتصر سيف الدولة المستنصر، في مقامه بقشتالة، على الأماكن والأراضي التي منحت له ليعيش فيها. ويقول لنا ابن الأبار إن ملك قشتالة عوضه عن روطة بنصف مدينة طليطلة (١). وهذه الرواية تدعو إلى التأمل، لأن طليطلة كانت في ذلك الوقت عاصمة مملكة قشتالة، وتقول لنا الرواية اللاتينية السالفة الذكر إن ملك قشتالة منح المستنصر حصوناً وبلاداً في منطقة طليطلة وإسترامادورة، وهو أقرب إلى المعقول، وربما شملت هذه الأماكن حيًّا أو دوراً في طليطلة ذاتها. ويضع ابن الأبار تاريخ تنازل المستنصر عن روطة في شهر ذي القعدة سنة ٥٣٤ هـ (١١٣٩ م).

وهناك رواية أخرى يقدمها إلينا ابن الخطيب، وهي تختلف في مضمونها عما تقدم، وخلاصتها أن المستنصر بن هود لجأ إلى حماية ابن رذمير، أعني ألفونسو المحارب ملك أراجون، وليس إلى حماية ملك قشتالة، وأن ابن رذمير عوضه عن روطة بأماكن من أعمال مدينة تُطيلة في شمالي الثغر فانتقل إليها بأهله وأمواله (٢).

وهكذا انتهت بتخلي المستنصر عن قاعدة روطة وأعمالها، رياسة بني هود فيما تبقى من أنقاض مملكة سرقسطة القديمة. وأقام المستنصر في مقره الجديد في كنف ملك قشتالة بضعة أعوام أخرى، إلى أن سنحت له فرصة للتدخل في حوادث الأندلس، وشق طريقه إلى الرياسة من جديد، وهو ما سنعنى به في موضعه المناسب.


(١) ابن الأبار في الحلة السيراء ص ٢٢٥.
(٢) ابن الخطيب في أعمال الأعلام ص ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>