للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاستقبله ملك قشتالة بترحاب، وأعطاه في مقابل ذلك، عدة أمكنة في قشتالة وليون (سنة ١١٣٢ م) (١).

وتحدثنا الرواية العربية عن سيف الدولة المستنصر بن هود، وعن تنازله عن حصن روطة لملك النصارى، ولكنها تختلف في تفاصيل ذلك. ويضع ابن الاثير هذا التنازل في حوادث سنة ٥٢٩ هـ (١١٣٤ م)، ويقول لنا إن المستنصر ابن هود، عقد في هذه السنة الصلح مع " السليطين " (ألفونسو ريمونديس).

وكان " السليطين " قد أكثر من غزو بلاد المستنصر وقتالها حتى ضعف عن مقاومته، فرأى أن يريح نفسه وجنده مدة، فاستقر بينهما الصلح لمدة عشر سنين، على أن يسلم المستنصر حصن روطة، وهو من أمنع الحصون وأحصنها، وتسلم النصارى الحصن " وفعل المستنصر فعلة لم يفعلها قبله أحد " (٢).

ويقدم إلينا ابن الكردبوس عن هذه الواقعة رواية ضافية، ينفرد فيها بتفاصيل خاصة، خلاصتها أن طاغية الروم الإنبرطر الملقب بالسُّليطين، هو الذي راسل المستنصر، وعرض عليه أن يتخلى له عن روطة ويعوضه عنها بقشتالة ما هو أحسن وأفيد، بحيث يغدو أقرب إلى بلاد غربي الأندلس، وأنه سوف يخرج معه بنفسه إلى طائفة من البلاد المتاخمة لقشتالة يدعو أهلها لطاعته، وأنه على يقين من أن أهل هذه البلاد سوف يستجيبون إلى دعوته، لأن المرابطين قد أذاقوهم العذاب، وهم يكرهونهم، ويتمنون زوال دولتهم، وأخيراً أنه لم يبق من أبناء الملوك المسلمين سواه، أى المستنصر، وهكذا تخلى المستنصر لملك قشتالة عن روطة وهي " معقل ما أبصر مثله من يعقل ". وعوضه عنها ملك قشتالة بقرى ومزارع مغلة في بلاده. ثم خرج معه إلى غربي الأندلس، في قوات كثيفة، فما قصد موضعاً إلا ألفاه ممتنعاً، ولم تستجب إلى دعوته أية قرية، أو أي موضع، وخشي أهل هذه البلاد جميعاً، إن أطاعوه وانضموا تحت لوائه، فإن العدو يغلبهم ويملكهم، وهذا رجع المستنصر من مشروعه بأخسر صفقة (٣). ويستفاد من رواية ابن الكردبوس هذه، أن ملك قشتالة، كان يرمي إلى استخدام المستنصر


(١) M. Lafuente: ibid ; Vol. III. p. ٢٤٧
(٢) ابن الأثير ج ١١ ص ١٣.
(٣) وردت رواية ابن الكردبوس في كتاب " الإكتفاء " (مخطوط أكاديمية التاريخ السابق الذكر لوحة ١٦٥ ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>